هلال قبلان - صحيفة يني شفق

يتلقى 554 عضواً من وحدات حماية الشعب القادمين من كوباني –عين العرب- الواقعة تحت حصار تنظيم الدولة "داعش" ،إلى تركيا في المستشفيات التركية. وقد سمح لأصحاب الجنسية السورية منهم العودة إلى القتال. وقد غض الطرف لفترة طويلة عن الذاهبين من تركيا. إلا أنها فتحت الباب لما يقارب الـ 182 ألفاً من الأكراد القادمين من كوباني والمناطق المجاورة لها. وفي حال سقوط المدينة بيد داعش فإن ذلك يعني أن تركيا ستصبح مضطرة للتعامل مع حوالي مئتي ألف لاجئ في فترة زمنية غير محددة، كما سيصبح لها حدود مشتركة مع داعش.

وبالنسبة لجزء من الأنظمة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي أعلنت للصحافة الأجنبية أنها لن ترسل جنودها للمشاركة في الحرب البرية، فإن الحل الوحيد أمام تركيا لإظهار عدم رغبتها في سقوط كوباني هو انقاذها.

هي استراتيجية حشر تركيا في الزاوية في قضية كوباني إذاً، إذ تظهر جلياً حتى في نصوص الأخبار. فتطل علينا صحيفة النيويروك تايمز في خبر يحمل توقيع "تيم أرانجو" (وهي بالمناسبة ذات الصحيفة "المحترمة" التي حاولت سابقاً الربط بين رئيس الجمهورية أردوغان وداعش من خلال صورة جامع الولي الحاج بايرام، والتي تراجعت بعد أن فشلت دعايتها) إذ استهل خره بالصيغة التالية:

"الضغوط الدولية تتزايد. قررت تركيا يوم الاثنين البدء في العمليات العسكرية الحاسمة. ولكن العمليات العسكرية التركية لن تكون موجهة لقوات الدولة الإسلامية كما يرغب الحلفاء الغربيون، بل ستكون موجهة للأكراد المقاتلين ضد الدولة الإسلامية."

تنظيم الـ (بي كا كا) يخطط للهجوم على مركز الشركة في منتصف الليل. والقوات المسلحة التركية تعمل على ضرب التنظيم الموجود على الحدود التركية، ولكن إن نظرنا إلى الأخبار سنرى بإن الغرب منذ زمن بعيد يضع التنظيم على أنه الطرف الذي لا يجب أن تصاب شعرة منه بأي أذى. يعني أن تركيا يجب أن تتقبل الاعتداء عليها من دون إبداء أي ردة فعل للدفاع عن نفسها. العجيب في الأمر أن هذه المقالة قد نشرت في النيويورك تايمز وهي ذات الصحيفة التي كانت تتحدث عن حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها في الوقت الذي كانت تقتل فيه ما يزيد عن الألفين ومئة مدني في غزة في شهر أغسطس الماضي.

وكان "فولكر كودر"، السياسي البارز في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم في ألمانيا، قد صرح أمس بنية إرسال السلاح للمجموعات الكردية المقاتلة ضد تنظيم الدولة داعش بما فيه التنيظم (بي كا كا). وكأنهم لم يرسلوا السلاح الثقيل إلى قنديللي –النتظقة الكردية في تركيا- في الوقت الحاضر.

الدول الغربية التي تنيظم الـ (بي كا كا) على أنه هو الذي يقاتل تنظيم الدولة داعش وليس على أنه التنظيم الإرهابي، تعلن رغبتها بارسال السلاح الثقيل له مما يعد اعتداءً على عملية التسوية الراهنة.

الغرب يدرك أن القوات البرية المشكلة من البشمركة ووحدات حماية الشعب لن تفي بالغرض في الحرب على داعش، ولذلك يريد الغرب من تركيا أن تكون في مقدمة قوات المشاة.

وعلى هذا النحو، فإن "البي كا كا" لن يبالي بتدمير تركيا من أجل دولته الصغيرة التي يسيطر عليها لثلاثين عاما وهنا تختلط المصالح.

ولنضف هذا التسلسل الزمني من الأحداث إلى المشهد، زيارة صلاح الدين ديميرطاش إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل القيام ببعض اللقاءات قبل أحداث 7-8 اوكتوبر، وسخريته هناك من طلب تركيا من الولايات المتحدة تأمين منطقة حظر طيران، وتصريح أوجلان بأن "هجمات داعش مرتبطة بإسرائيل" في الوقت الذي كان فيه تنظيمه الـ"بي كا كا" ما يزال يشعل جمهوره بنظرية داعش=حزب العدالة والتنمية، ودعوة ديميرطاش لـ"سيرهيلدان" عند عودته، ومن ثم بدأ القوات الأمريكية ضرب داعش في يوم 8/اكتوبر بشكل فاعل لأول مرة، وإخفاء تنظيم الـ (بي كا كا) لحقيقة بدء هذه الضرات لفترة من الزمن ومن ثم الإفصاح عنها يوم الثلاثاء من قبل ديميرطاش في تصريح له قائلاً: "بدأت طائرات التحالف بضرب قوات داعش بشكل فاعل مع تلك الدعوى التي ستجعل العالم بأسره يقف على قدميه".

إن أرادت تركيا التدخل فإن تدخلها سيكون بحسب الزمان والشروط التي تريد، كما سيكون مراعيا للمسؤولية عن عملية التسوية وتسريعها. مع الانتباه الى دور أوجالان كونه العنصر الأهم في المنظمة.

عن الكاتب

هلال قابلان

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس