حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

في إطار المساعي الحثيثة التي تقوم بها الحكومة التركية، تمّ عقد اجتماع في قصر دولما باهتشه في إسطنبول ضمّ كلاً من رئيس الحكومة أحمد داوود أوغلو وأعضاء حكومته ولجنة الحكماء الذين يقومون بدور الوسيط بين الحكومة والأكراد.

فقد قامت هيئة الحكماء بتقديم لائحة تتضمّن عشرة مطالب للحكومة التركية. ومن أبرز تلك المطالب هو تحسين الظّروف المعيشية لزعيم حزب الاتحاد الكردستاني "بي كا كا" عبد الله أوجالان في سجنه.

ويعتبر هذا الاجتماع الثّاني بين الحكومة التركية وهيئة الحكماء. حيث كان الاجتماع الأول قد عقد في 4 نيسان / أبريل من العام الماضي.

وكانت نتائج الإجتماع الأول إيجابيّة إلى حد ما. حيث ناقش الطّرفان فيه مسألة التّمثيل للأكراد ودعوة عبد الله أوجالان لتنظيم "بي كا كا" إلى ترك السّلاح واللجوء إلى طاولة المفاوضات. لقد جرى هذا الاجتماع في وقت تزامن مع شائعات تفيد بأن تنظيم بي كا كا تقدّم بطلب الخروج من الأراضي التركية.

أمّا الاجتماع الذي عقد بالأمس فقد سيطر عليه الغموض وظهر وكأنّ مسيرة المصالحة تعاني من بعض الصّعوبات.

لقد بدأ الاجتماع بخطاب رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو. حيث كان خطابه بنّاءً واستمرّ لمدة ساعة من الزّمن. فلو نظرنا إلى خطاب داوود أوغلو بشكل عام، نجد أن رئيس الوزراء كان واثقا من كلامه وملمّاً بكل جوانب هذه القضيّة.

الدّيمقراطية ومتابعة مسيرة المصالحة

خصّص داوود أوغلو قسماً كبيراً من خطابه للاحتكارات الرأسماليّة الحديثة والعولمة. فبينما انتقد هذين المفهومين، أوصى بالتّمسّك بمفاهيم التّاريخ والمواطنة. وخلال حديثه، صرّح داوود أوغلو عن أهدافه الثلاثة التّالية.

1 – الإصرار على متابعة مسيرة المصالحة ونشر الدّيمقراطيّة.

2 – عمليّة المصالحة الوطنيّة لن تكون بديلا عن النّظام العام في تركيّا.

3 – عمليّة المصالحة الوطنيّة لن تكون قضيّة عابرة.

وبعد أن أعلن داوود أوغلو عن هذه الأهداف أكّد بأنّ تنظيم "بي كا كا" لم يلتزم بوعده حيال الانسحاب من الأراضي التركية. وأضاف بأن مصير بلدة سوروج التركية مرتبط بمصير بلدة كوباني السّوريّة. وذلك في إشارة منه إلى مدى الاهتمام الذي توليه الحكومة التركية للأكراد الذين يعيشون في هذه البلدة.

كما أفاد داوود أوغلو بأنّ تركيا لن تكون ألة لمخطّط "سايكس بيكو" الجديدة، وأنّ النّظام الجديد في المنطقة سيكون إمّا عن طريق الحرب أو عن طريق المصالحة. وقد شدّد رئيس الوزراء على ضرورة التّكاتف من أجل إزالة الضّبابيّة المسيطرة على المباحثات بين الطّرفين.

وخلال سرده لتفاصيل عمليّة المصالحة الوطنيّة والإجراءات التي قاموا بها، ذكر داوود أوغلو بأنّ الحكومة التّركية استخلصت الدّروس والعبر من اجتماعات "أوسلو" التي جرت بين الطّرفين ومن حزمة الإجراءات الديمقراطية التي تمّ الإعلان عنها مسبقاً.

خطوة بمثابة ثورة

وفي مستهلّ حديثه شكر داوود أوغلو أعضاء هيئة الحكماء وأثنى على الجهود الحثيثة التي بذلوها لإنجاح هذه المصالحة. وأكّد بأنّ تقاريرهم وجهودهم ستؤخذ على محمل الجدّ من قبل الحكومة التركية، حيث قال في هذا الصّدد "لقد التقيتم مع 60 ألف شخص من الطّرفين التركي والكردي. أشكركم باسم الإنسانية على ما بذلتموه من جهود في هذا الصّدد. إنّ اجتماعنا هذا ليس بسبب الأحداث المؤسفة التي جرت مؤخّرا في بلادنا. وكنت قد اتّخذت قرار الاجتماع بكم من قبل هذه الأحداث. إنّ من أهمّ ما تمّ إنجازه حتّى الآن في مسيرة المصالحة، هو سعيكم الدّؤوب وصولاتكم وجولاتكم المكثّفة. والمطالب التي أرفقتموها في تقاريركم، تعتبر بمثابة الثورة في هذا المجال. فبعد كل هذا المجهود الذي بذلتموه، أصبحت تقاريركم بمثابة النظام الحقوقي لتركيا في ما يخص مسألة المصالحة الوطنية. وستلتزم الحكومة التركية بمقترحاتكم التي ذكرتموها في تلك التقارير".

مطالب هيئة الحكماء من الحكومة:

قدّمت هيئة الحكماء لائحة للحكومة تضمّنت المطالب التّالية.

1 – عدم تعريض مسيرة المصالحة الوطنيّة للركود مهما تعدّدت الأسباب والعوائق.

2 – تكثيف اللقاءات مع عبد الله أوجالان.

3 – إعادة هيكليّة هيئة الحكماء وضمان استمراريّتها.

4 – تشكيل هيئة ثالثة تكون محايدة وتتكفّل في مراقبة سير عمليّة المصالحة الوطنيّة.

5 – الإصرار على تغيير لهجة وأسلوب الطّرفين وخاصة الحكومة.

6 – تقوية الدّعم الاجتماعي لهذه العمليّة.

7 – تحسين الظّروف المعيشيّة لعبد الله أوجالان في سجنه.

8 – المطالبة بتدخّل البرلمان التركي في مسألة المصالحة لإكسابها مزيدا من الأهمّية.

9 – المحافظة على النّظام العام وترسيخ الأنظمة الحقوقيّة في المناطق الكرديّة.

10 – مشاركة المنظّمات المدنيّة في عمليّة المصالحة الوطنيّة من أجل الإسراع في الانتهاء منها.

على ماذا تركّزت المناقشات؟

وخلال المباحثات بين الطّرفين تمّ التركيز على النّقاط التّالية.

1 – تناول الجانبان كل الملفّات التي يتناولها والشّارع التركي ووسائل الإعلام.

2 – التركيز على أحداث الشّغب الأخيرة وانعكاساتها الاجتماعيّة.

3 – تمّ التركيز على المخاطر المحدقة بعمليّة المصالحة. وذلك خلافاً للاجتماع الأول الذي مرّ بجو من التّفائل.

4 – بالنّظر إلى الاجتماع الأوّل بين الطّرفين، لم يظهر في هذا الاجتماع الحماس الذي ظهر في الاجتماع الأول.

5 – أغلب الذين سنحت لهم الفرصة بالتّحدّث تطرّقوا إلى ضرورة التّكثيف من الّلقاءات مع عبد الله أوجالان وقيادات قنديل.

6 – تمّ التركيز خلال الاجتماع على منطقتي روجوفا وكوباني.

7 – أكّد بعض الخطباء صحّة السياسات المتّبعة من قبل الحكومة في هذا الصّعيد. لكنّهم أكّدوا أيضا صحّة إجراءات حزب الشّعوب الديمقراطيّة.

8 – الحكومة بدت متفائلة، بينما خيّم التّشاؤم على بعض أعضاء هيئة الحكماء والحاضرين.

" هاكان فيدان" لم يحضر الإجتماع:

أظهرت الحكومة التركية مدى إهتمامها بمسألة المصالحة الوطنيّة من خلال حضورها القوي لهذا الاجتماع. حيث كان إلى جانب رئيس الوزراء معظم الوزراء البارزين في هذه الحكومة. بالإضافة إلى النّواب من حزب العدالة والتنمية.

وقد غاب عن هذا الاجتماع رئيس الاستخبارات "هاكان فيدان". ومن المعلوم أنّ فيدان كان حاضراً في الاجتماع الأول الذي عقد بين الحكومة التركية وهيئة الحكماء. وكان من الغرابة عدم اشتراك فيدان الذي كان من أشدّ الواقفين على تفاصيل هذه العمليّة. حيث حضر نيابةً عنه مستشار الأمن والنّظام العام "محمود درويش أوغلو".

ويبدوا أنّ درويش أوغلو الذي عمل بعيداً عن الأضواء والذي كان يلتقي بشكل مكثّف مع عبد الله أوجالان طيلة خمس سنوات، سيظهر كلاعب أساسيّ بعد الآن. قد التزم الصّمت ولم يتكلّم طيلة فترة الاجتماع. واكتفى بتدوين ملاحظاته فقط.

كما يبدو أنّ المرحلة المقبلة لعمليّة المصالحة ستقلّص من صلاحيّات هاكان فيدان. وهذا يعني أنّ العمليّة ستجري بشكل شفّاف وسيتمّ الإعلان عن الخطوات المتّخذة للشّعب.

ملاحظة: تمّت كتابة هذا الخبر قبل الخطاب الختامي لرئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس