ترك برس

بينما كانت تركيا تقيم احتفالاتها بمناسبة عيد الجمهورية في 29 أكتوبر / تشرين الأول، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية أمراً للعائلات الدبلوماسية الأمريكية تطالبهم فيه بمغادرة الأراضي التركية بسرعة، مدعيةً وجود خطر على حياتهم، الأمر الذي أدى إلى خلق أجواء من التوتر لدى السلطات التركية التي رفعت التأهب الأمني إلى أعلى مستوياته.

وتعليقاً على ذلك، أشار الباحث السياسي "كورتولوش تاييز" إلى أن هذه التعليمات أرغمت الحكومة التركية على إعلان حالة الطوارئ داخل مؤسساتها احترازاً من حدوث أي هجوم إرهابي، ليتبين فيما بعد أنها مجرد لعبة نفسية من لفيف الألعاب التي تمارسها السفارات الغربية منذ فترة طويلة، مبيناً أن السفارات الغربية تسعى إلى تشتيت طاقة تركيا اتجاه سياستها الخارجية من خلال نشر الأخبار المغرضة عبر مواقعها الإلكترونية.

ولعل تسريبات الإيميل الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة للرئاسة الأمريكية "هيلاري كلينتون" تؤكًد ادعاء تاييز، حيث أفصحت التسريبات عن خطة "التخويف" الذي تنتهجها أمريكا كأحد الأساليب التي تعزل تركيا عن الساحة السياسية الخارجية.

وأفشت التسريبات أن كلينتون أرسلت، في أغسطس / آب 2014، في تقريرها إلى الإدارة الأمريكية تقول فيه: " إن تركيا قطعت شوطاً كبيراً نحو النهج الإسلامي، ومن المهم أن يعلموا أنه من حقنا التحرك لحماية مصالحنا القومية، المصالح الأمريكية، في كل مكان".

وفي مقاله "خطة أمريكا لإيقاف أردوغان" المنشور في صحيفة أقشام بتاريخ 31 أكتوبر / تشرين الأول 2016، نوّه تاييز إلى أن الحرب النفسية التي تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية ضد تركيا منذ فترة، تأتي في إطار إعلام تركيا بسعي أمريكا إلى تحقيق مصالحها القومية مهما كلف الأمر حتى لو كان على حساب المصلحة القومية التركية، متمماً أن البريد الإلكتروني المرسل في يناير / كانون الثاني 2016، يكشف وبكل وضوح أن كلينتون اقترحت على المستشارين في السياسة الخارجية ووزارة الدفاع وجهاز الاستخبارات والسفارة الأمريكية في تركيا بعض التدابير التي يمكن اتخاذها لتحييد تركيا عن السياسة التي تتبعها، وكان من ضمن هذه التدابير المقترحة ممارسة الحرب النفسية أو ما يطلق عليه "الديماغوجيا".

ووفقاً لتاييز، فإن الإدارة الأمريكية ترى أن أردوغان يشكل عائقا أساسا أمام سياستها في منطقة الشرق الأوسط، وفي ظل الحاجة المتبادلة بين تركيا وأمريكا، لا بد من إزاحة أردوغان أو استقطابه نحو التحرك المشترك مع الولايات الأمريكية المتحدة من خلال انتهاج بعض التحركات الخشنة الصارمة، وترأس هذه التحركات التهديدات الإرهابية التي يمكن أن تتسبب في تقهقر اقتصادي لتركيا يتم دعمه من خلال وسائل الإعلام.

ومنذ 2014 وحتى يومنا هذا شهدت تركيا عددا من التفجيرات الإرهابية التي تسببت بها منظمات إرهابية عدة مثل حزب العمال الكردستاني وداعش وجماعة غولن، وكافة هذه التفجيرات جاءت في إطار مساعي أمريكا لإخضاع أردوغان وتركيا بحسب ما يصفه تاييز الذي أشار إلى أن الولايات الأمريكية المتحدة أرادت من خلال هذه الأساليب تمرير مصالحها على حساب المصالح التركية، متسائلاً: هل ما زالت الولايات الأمريكية المتحدة تعتقد  أن تركيا يمكن أن ترضخ بهذه السهولة لما تمليه عليها من رغبات متناقضة مع مصالحها القومية؟.

وأكّد تاييز أن الوعي التركي الذي تبلور في السنوات الأخيرة أنقذ الرئيس أردوغان من السقوط ضحية لمؤامرات أمريكا التي سعت إلى اعتقاله ومن ثم اغتياله بوساطة عناصر جماعة غولن، حيث وجد أردوغان شعبه دوماً حامياً له.

وفي محصلة مقاله يطرح تاييز تساؤلاً مفاده؛ هل تمكنت أمريكا من تحقيق هدفها؟

وفي معرض الإجابة عن تساؤله الجدلي، قال تاييز: " إن تركيا على دراية تامة بهذه المؤمرة، لذا عملت على مقاومة كل مؤمرة بكل شجاعة وحزم، وبفضل الجهود الجبارة التي بذلتها ضد هذه المؤامرات، استطاعت تجاوز ما نصب لها من فخوخ".

وفي سياق متصل، ادعى الكاتب السياسي "إبراهيم كاراغول" أن الولايات الأمريكية المتحدة تحاول منذ مطلع 2013 محاصرة تركيا من خلال الاتفاق مع أعدائها جميعهم، مبيناً أن دعم أمريكا لحزب الاتحاد الديمقراطي الـ "بي ي دي" وتقاربها من إيران، بالإضافة إلى مراوغتها في حل الأزمة السورية ما هي إلا محاولات منها لاستنزاف قوى تركيا وإجبارها على الانعزال الداخلي الذي كانت عليه قبيل تولي حكومة حزب العدالة والتنمية سدة الحكم.

وأشار كاراغول، عبر مقاله "الولايات الأمريكية المتحدة تحاصر تركيا، يجب استهداف البي ي دي"، إلى أن عددا كبيرا من الدول الأوروبية تشدعلى يد أمريكا في حربها النفسية، مبينا أنه على هذه الدول أن تعي أن تركيا هي الحزام الحامي الأول والأساسي لها.

وعلى الأرجح يذكر كاراغول في قوله "دول الاتحاد الأوروبي" فرنسا وألمانيا وبريطانيا التي أعلنت إغلاق سفاراتها في تركيا قبل شهرين، لوجود تهديدات إرهابية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!