ترك برس

رأى الاتحاد الأوروبي في تقريره السنوي حول "التقدم التركي نحو تطبيق معايير عضوية الاتحاد الأوروبي" أن تركيا ما زالت تعاني من نقص في الحريات وتدهور في الاقتصاد، الأمر الذي شكل حالة امتعاض لدى صناع القرار والخبراء السياسيين الأتراك الذين وصفوا التقرير بأنه مسيس أكثر من كونه موضوعي.

ورأى الخبير السياسي "ياشار حجي صالح أوغلو" أن الاتحاد الأوروبي تغاضى عن محددات العملية الديمقراطية وذهب لتقييم تركيا وفقًا لازدواجية في المعايير لطالما اتبعها حيال الجمهورية التركية التي تحاول منذ عام 1959 الانضمام إلى الاتحاد.

وأشار الخبير إلى أن التقرير لم يتناول إطلاقًا فاجعة 15 تموز/ يوليو وما نتج عنها من قتل للمدنيين وقصف لمؤسسات الدولة السيادية على أيدي الانقلابيين، وانتقد الإجراءات الوقائية التي اتخذتها تركيا لمنع أي عملية انقلابية جديدة، مبينًا أن ازدواجية المعايير لدى الاتحاد الأوروبي تظهر في أنه لم يولي المواطنين الأتراك أي اهتمام وخصّ الجنود الانقلابيين ومسانديهم من الجناح المدني بكل الاهتمام والعطف.

وقال صالح أوغلو إن وصف التقرير جماعة غولن "الإرهابية" باسم "حركة غولن" يوضح مدى ابتعاده عن النطاق القانوني للأمور، فتلك الجماعة التي لم تألُ جهدًا في مهاجمة أركان الدولة التركية ما تزال بالنسبة للاتحاد الأوروبي مجرد حركة اجتماعية دينية، "فعن أي تقدم في الحريات والسياسات يتحدث تقرير الاتحاد الأوروبي؟ فليذهب هو ليتقدم ومن ثم يأتي لتقييم تركيا" على حد قوله.

أما عن محاربة الحكومة التركية لمنظمة حزب العمال الكردستاني "الإرهابية" فيرى التقرير أن تركيا يجب عليها اتباع مبدأ التكافؤ في حربها ضد المنظمة، أي يجب عليها محاربة عناصر حزب العمال الكردستاني بنفس مستواها العسكري أو بمستوى قريب منها، على حد وصف الخبير الذي علق على التقرير في مقاله بصحيفة أقشام "الوجوه الخادعة وتقرير الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أن "الاتحاد يساوي بين الجمهورية التركية الديمقراطية ومنظمة إرهابية فأي منطق يتحرك في إطاره الاتحاد الأوروبي؟".

واعتبر حجي صالح أوغلو أن هذا التقرير ينم عن المستوى "الهابط" الذي انزلق نحوه الاتحاد الأوروبي مؤخرًا، موضحًا أن مبادئ ومعايير الاتحاد الأوروبي أصبحت لا تلائم فعلًا معايير الديمقراطية الحقيقية التي تطمح تركيا لتطبيقها، مشيرًا إلى أن طلب الرئيس "رجب طيب أردوغان" تحويل قضية الانضمام إلى الاتحاد للاستفتاء الشعبي في نهاية العام صحيحة تمامًا بعد الازدواجية التي يظهرها الاتحاد الأوروبي صراحةً.

وأردف الخبير قائلًا: "إن انتظار تركيا لقبولها من قبل الاتحاد الأوروبي الذي تحول إلى منظمة تحارب المبادئ الحقيقية لحقوق الإنسان والعدالة والإرادة الشعبية هو مجرد أضغاث أحلام"، مبيناً أن هذا الاتحاد الذي يدافع عن حزب العمال الكردستاني وجماعة غولن "الإرهابيين" لم يستنكر اغتيال محافظ ناحية داريك التابعة لمدينة ماردين "محمد فاتح صافي ترك" ولم يُدِن صراحةً محاولة الانقلاب الفاشلة من قبل، فلا يُرجى منه تقييم إيجابي أو موضوعي.

من جانبه، نوّه الخبير في شؤون العلاقات التركية الأوروبية "سليم وطنداش" إلى أن الاتحاد الأوروبي يصدر تقريرًا تقييميًا حول تركيا منذ عام 1998، إلا أنه منذ ذلك العام وحتى الآن وعلى الرغم من قطع تركيا خطوات إيجابية نحو العملية الديمقراطية الحقيقية والتطور الاقتصادي الملموس يتناول تركيا في تقريره بشكل سلبي.

وفي مقاله  المنشور على الموقع الرسمي لمركز الرجال الحكماء للدراسات الاستراتيجية "بيلجاسام" قال وطنداش إن تركيا نمّت نظامها الاقتصادي بشكل كبير منذ عام 2002، وعملت على حل المشكلة الكردية عبر التفاوض وحلول التسوية، واستقبلت أكثر من 4 ملايين لاجئ، ومنحت عددًا كبيرًا من شرائح المجتمع التركي الطائفية والعرقية حقوقًا غير مسبوقة منذ تأسيس الجمهورية التركية، إلا أن هذه الممارسات كلها لم تقنع الاتحاد الأوروبي الذي يعاني مواطنو دول كثيرة من أعضائه من انتهاكات لحقوقهم كشعب الباسك في إسبانيا، متسائلًا: "ماذا يمكن لتركيا أن تفعل لإقناع الاتحاد الأوروبي الذي يتعمد عدم فهمها؟".

وفي سياق متصل، وصف الخبير السياسي "يالجين دوغان" تقرير الاتحاد الأوروبي للعام الحالي بأنه الأكثر "قسوةً" على تركيا، مرجعًا ذلك إلى حالة الصدمة التي أصيبت بها تركيا بعد إصدار التقرير، ففي حين كانت تنتظر تركيا دعمًا دبلوماسيًا مشرفًا للاتحاد الأوروبي كمكافأة لها ولشعبها الذي أحبط محاولة الانقلاب، صُدمت بعدم ذكر بطولة الشعب التركي بل واجهت انتقادات لاذعة لمحاربتها للمنظمات الإرهابية.

وأشار دوغان، في مقاله على موقع تي 24 الإخباري "أقسى تقرير منذ 18 عامًا" إلى أن إحصاءات أجرتها 7 صحف تركية أكّدت أن 85% من الشعب التركي يدعمون إيقاف عملية التفاوض مع الاتحاد الأوروبي، موضحًا أن ذلك يوحي بأن الشعب التركي قد يوافق على إيقاف حكومته التفاوض مع الاتحاد الأوروبي بالكامل في حال عرضت القضية للاستفتاء الشعبي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!