إمره أكوز - جريدة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

تابعنا في الأيام الماضية ما كتب في الإعلام سواء المحلي أو الأجنبي، عن أنّ سياسة أنقرة تجاه الشرق الأوسط، خاطئة وفيها تناقضات عديدة، وسأحاول في هذه المقالة الرد على هذه الادعاءات التي ما زال البعض يرددها بين الفينة والأخرى.

دعونا نأخذ هذه الادعاءات بقسميها الأول، والذي يتحدث عن أنّ تصرفات أنقرة "خاطئة"، وبقسمها الثاني الذي يدعي أنّ تصرفات أنقرة دوما ما تكون "متناقضة"، وهنا أرى أنّ القسم الأول لا يستحق النقاش، لأن كل سياسات الدول في العالم قابلة للنقد وللانتقاد، فما أفعله أنا قد يكون بالنسبة لك خاطئا، وما تقوم به أنت قد يكون بالنسبة لي هو الخطأ بعينه، لهذا فإن وصف بعضهم لسياسة أنقرة بأنها خاطئة أمر طبيعي، فمهما عملت ومهما كانت سياستها ستبقى بالنسبة لهم خاطئة، لأنهم يقفون ضدها من حيث المبدأ.

أما القسم الآخر، وهو وصف سياسة أنقرة بأنها "متناقضة" فيشير إلى وضع مختلف. وهنا توحي لك التعليقات بأنّ أنقرة تتخذ قراراتها بصورة عشوائية، غير نابعة عن أي منطق أوأي خطة واضحة وأهداف جلية، وربما يكونون محقون في ذلك إذا ما تابعوا الأحاديث والأقاويل الصادرة عن المسئولين الأتراك بصورة سطحية، فحينها ربما نجد أنها لا تتوافق مع بعضها البعض، لكن عدم التوافق هذا، هل يعني أنّ أنقرة تتعثر وتتلعثم؟ وأنها غير متمسكة بأهدافها ومبادئها؟ لا أعتقد ذلك.

أي نظام قائم بكل تأكيد سيتبع تكتيكا معينا ليحقق أهدافه،سواء أكان ذلك في السياسة أم في الحرب، فيبدأ النظام بتطبيقه بقوة وبسرعة، ثم يتلاشى رويدا رويدا مع الزمن، وبنهاية هذه العملية، تكونون قد وصلت لمكانة أفضل مما كنتم عليه.

ربما يكون هناك عدم توافق في تصرفات أنقرة السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنّ هذا لا ينفي الحقيقة القائلة بأنّ مواقف أنقرة الأساسي لم تتغير ولم تتبدل، وعلى رأس هذه المواقف، هي التمسك برحيل بشار الأسد.

هذا الموضوع هام، لكنه ليس بعاجل، فالموقف الثاني الذي تتمسك به أنقرة، موقف هام وعاجل في نفس الوقت، وهو منع كل المحاولات لتأسيس دولة مستقلة لكردستان على حساب الأراضي التركية، وبخلاف موقف أنقرة المتشدد تجاه هذه القضية، فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية الآن غير آبهة بموضوع استقلال كردستان من عدمه بقدر ما هي مهتمة بمسألة القضاء الفوري والتام على تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)".

عند حصول هذا التباين في سياسة الدولتين الأمريكية والتركية، تقوم تركيا باتخاذ نصف خطوة للأمام وتحتفظ في النصف الآخر حسب انعكاسات النصف الأول، وهذا أمر طبيعي للغاية، ففي المحصلة، كما تحتاج أمريكا لتركيا، فإن تركيا هي الأخرى بحاجة للولايات المتحدة الأمريكية.

إذا نظرتم إلى كل الأحداث الدائرة حولكم بصورتها الكاملة والشاملة، ومن مختلف الجهات والزوايا، ستجدون أنه لا يوجد تناقض في تصرفات أنقرة السياسية تجاه منطقة الشرق الأوسط، بل إنها تسير وفق رؤية وأهداف واضحة وراسخة ما زالت تركيا متمسكة بها.

عن الكاتب

إمره أكوز

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس