سامي كوهين – صحيفة ملليت

عاشت تركيا الأسبوع الماضي خيبة أمل بعد خسارتها في التصويت على مقعد في مجلس الأمن الدولي، هذه "الهزيمة" الأممية ضعضعت مكانة أنقرة في الساحة الدولية كأحد أهم اللاعبين والفاعلين في منطقة الشرق الأوسط.

لكن توقفوا! هناك فرص هامة جدا أمام تركيا من أجل أن تعيد الاعتبار لتلعب دورا دوليا جديدا. نعم، ستترأس تركيا إحدى أهم وأقوى القمم الدولية، فأنقرة اليوم تتحضر لرئاسة قمة العشرين لعام 2015.

اقترب موعد الجلوس على كرسي قمة العشرين، فاستلام المهمة رسميا سيكون بتاريخ الأول من كانون الأول/ديسمبر، بمعنى أنه تبقى خمسة أسابيع فقط.

الجميع يقوم بالتحضيرات اللازمة لعقد هذه القمة، ومن ضمن العاملين، رئيس الوزراء الأسبق لكندا "باول مارتين"، والذي يعمل جنبا إلى جنب مع المسئولين الأتراك من أجل تنفيذ الترتيبات اللازمة، "مارتين" أوضح أنّ تركيا ستصبح على أجندة العالم باستضافتها لهذه القمة، ولا شك أنه سيكون لها دور دولي بارز بعد هذه القمة.

من القمة السباعية إلى القمة العشرين

قمة العشرين المعروفة اختصار بـ(G-20)، هي قمة دولية تهتم كمرتبة أولى بالأمور الاقتصادية والمالية، لكنها بلا شك صاحبة قرارات ونفوذ في المسائل السياسية العالقة.

عُقدت القمة لأول مرة عام 1976، بمشاركة سبع دول صناعية غربية، لتُسمى حينذاك بالقمة السباعية، وبعد ذلك شاركت روسيا في القمم اللاحقة لتصبح قمة الدول الثمانية، وفي عام 1999، دخلت تركيا مع دول أخرى لتتكوّن قمة العشرين من الدول "المتطورة والنامية اقتصاديا"، ومن هنا تنبع أهمية قمة العشرين، التي تمثل ثلثي سكان العالم، من أمريكا حتى الصين، ومن المكسيك حتى الهند، ومن ألمانيا إلى اليابان ومرورا بكل الدول المتطورة، فقمة العشرين تمثل ما مجموعه 80% من حركة الاقتصاد في العالم، وما نسبته 90% من حركة التجارة في هذا الكون.

تختلف قمة العشرين عن باقي الاجتماعات والمؤتمرات الدولية، فعلى سبيل المثال، لا يوجد سكرتير لهذه القمة، ويتم تمثيل الدول الأعضاء من خلال كل من وزير المالية ورئيس البنك المركزي لكل دولة، وتُعقد القمة مرة واحدة كل عام، تستضيفها أحد الدول الأعضاء.

والخاصية الأخرى المميزة لهذه القمة، هو أنّ الدول المشاركة لا تقوم بالتصويت على المواضيع المختلفة، وإنما تتم المناقشات ويتم اتخاذ القرارات بالتوافق.

تترأس استراليا القمة الحالية، حيث ستُعقد قمة هذا العام، خلال الشهر المقبل في مدينة "بريسبان" الاسترالية. أما تركيا فستستلم مهمة رئاسة القمة بداية من شهر كانون أول/ديسمبر المقبل، وحتى نهاية العالم 2015، وستعقد القمة خلال هذه المدة في تركيا.

للوهلة الأولى نعتقد أنّ المكان الأفضل لعقد هذه القمة هي اسطنبول، لكن ما فهمناه أنّ هناك طلب من أعضاء الدول المشاركة بإقامتها في منطقة أكثر هدوءا، وأقل ازدحاما، وأكثر أمنا، وهذا يعني أنّ هناك طلب بإقامتها بمكان غير اسطنبول، مثل أنطاليا.

في القمم السابقة كان الطيب اردوغان يمثّل تركيا كرئيس للوزراء، وإلى الآن لا أحد يعرف مَن الذي سيمثل تركيا في القمة الحالية في استراليا وفي القمة اللاحقة في تركيا، هل رئيس الجمهورية أم رئيس الوزراء؟

لكن الأهم هنا ليس من سيمثلنا، وإنما الأهم هو كيف أنّ تركيا ستفرض رؤيتها في هذه القمة من خلال تحديد أجندتها لحل المشاكل الاقتصادية والمالية، وكيف لتركيا أن تسخّر هذه القمة من أجل المساهمة في حل المشاكل السياسية الراهنة، وهذا ما يضيف مسؤولية كبيرة وثقيلة على استضافة تركيا لهذه القمة، والحُكم على كوْن تركيا صاحبة نفوذ في الساحة الدولية سيثبت من خلال نجاحها في قمة العشرين العام المقبل.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس