فاطمة أوجان -صحيفة ستار- ترجمة وتحرير ترك برس

في اليوم الذي تعرّض فيه السفير الروسي "أندريه كارلوف" في للاغتيال، عثر على جثة دبلوماسي روسي في روسيا، وفي اليوم ذاته اقتحمت شاحنة سوق الكريسمس في برلين، حيث أودت بحياة 9 مواطنين.

إن بعض الدول التي تبحث عن مصالحها في الشرق الأوسط من خلال التنظيمات الإرهابية، باتت تلجأ إذن لمحاولات الاغتيال أيضا.

إن العالم بأسره -لا قدّر الله- وكأنه يتجه نحو صراع تتلاشى فيه قيم المصالح المشتركة، وتتلاشى فيه القيم التي من الضروري أن يتمتع بها السياسيون والدبلوماسيون.

في النهاية تعرّضت العلاقات التركية الروسية خلال عام واحد فقط لمحاولتي تخريب، الأولى في فترة إسقاط الطائرة الروسية، والثانية في المرحلة التي كانت تُبذل فيها الجهود لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بعيد تدهورها عقب إسقاط الطائرة الروسية، إذ ظهرت محاولة التخريب هذه المرة من خلال اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة.

واغتيال السفير الروسي صادف قبيل اليوم الذي لم يكن من شأنه أن يفرق! وإنما من شأنه أن يجمع بين أوروبا وآسيا جمعا ليس معنويا وإنما ماديا محسوسا، وهو يوم فتح المشروع الضخم لتركيا ألا وهو نفق "أوراسيا".

جاء الاغتيال في الوقت الذي يجهّز فيه الطرفان "الروسي والتركي" القاعدة للعمل المشترك لإيجاد حل للأزمة السورية.

كان المتحدث باسم الخارجية الروسية قد أوضح أن كارلوف يبذل جهودا حثيثة في التواصل مع المعارضة السورية لإيجاد حل للأزمة السورية، وكانت تركيا تعتزم الاجتماع مع روسيا في موسكو بحضور إيران من أجل مفاوضات إجلاء المحاصرين في حلب بسلامة.

بالتالي أكاد أجزم أن قتل السفير الروسي جاء لخرب المساعي التي يقوم بها في سبيل إيجاد حل للأزمة السورية من خلال التواصل مع المعارضة السورية.
وهناك تحليلات أخرى لا تقتصر على ماسبق، ومن ضمنها على سبيل المثال: "الاجتماع الثلاثي "الإيراني التركي الروسي" الذي كان من المقترح عقده، كان من الممكن أن يخرج بنتيجة تهدف إلى إخراج  الولايات المتحدة الأمريكية من المعادلة السورية. وبالتالي كان من الممكن أن تتعرض الخطة الأمريكية الهادفة إلى تحويل تنظيم بي كي كي الإرهابي إلى دولة للإحباط، على الرغم من نقاط الاختلاف بين الدول الثلاثة "إيران، روسيا، تركيا" إلا أن هذه الدول تجتمع على رأي واحد فيما يخص الخطط التي يسعى إليها بي كي كي في سوريا.

ففي ظل هذه المرحلة المتغيرة باستمرار لا بد من طرح بعض الأسئلة:
هل من الممكن أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد حاولت من خلال استخدامها لشرطي تابع لتنظيم الكيان الموازي كوسيلة لاغتيال السفير الروسي في تركيا وضع الأخيرة تحت موضع شك، وبالتالي تخريب العلاقات التركية الروسية؟ 

هل من الممكن أنها أردات أن تخلق سببا لإعادة فتح الله غولن؟

يبدو من العقلانية بمكان تصوير أمريكا لنفسها وكأنها تقوم بتصفية تنظيم انتهت صلاحيته، فتعمل بعد ذلك على تغيير شكله فقط، ومن ثم الاحتفاظ به تحت يدها واستخدامه كأداة مرة أخرى، ولكن بشكله الجديد..

إن اغتيال السفير الروسي لن يكون بالأمر الذي يستعصي فهمه بالنسبة إلى رئيس دولة عمل قبل توليه الرئاسة في الاستخبارات الروسية.
لأن المباحثات الروسية الأمريكية حول سوريا لم تجد حلا على الساحة، فلا بد من مناقشتها على الطاولة.

لم يتوضح بعد ما سيقوم به ترامب في سوريا، وبالتالي هل من الممكن أن يعمل البعض انطلاقا من المصالح الذاتية، وقبل أن يجلس ترامب على كرسي الرئاسة على إجبار تركيا للقيام بأمور، من خلال جعلها تواجه إرهابا داخليا وخارجيا، ومن خلال تطويقها بالإرهابيين؟

لا بد من لفت الانتباه إلى أن من يقف خلف عملية الاغتيال أنه كان قد وضع في حسبانه أن القاتل سيُنسب على الفور إلى تنظيم الكيان الموازي، وبالتالي ليس المهم من قام بالاغتيال، وإنما من يقف خلف ذلك، فالعنصر الإرهابي لا يكون فردا، ولا بد من تنظيم يتبناه. لماذا نستبعد احتمال أن يكون تنظيم الكيان الموازي يُستخدم من قبل دولة جارة لنا، وليس بالضروة أن يُستخدم من قبل دولة في أقصى العالم؟

إن العبارات التي أطلقها القاتل والتي تمت بصلة للقاعدة هي عبارة عن فخ، وإلا لماذ يُغتال السفير في الوقت الذي يتم التجهيز فيه لقاعدة حل من أجل الأزمة السورية، وفي الوقت التي تتمحور فيه المساعي لإجلاء المحاصرين الأبرياء من شرقي حلب، ولماذا لم يتم الاغتيال في وقت سابق على الرغم من أن الجرائم في سوريا تُرتكب منذ سنوات، وعمليات القصف في حلب تستمر منذ شهور؟

عن الكاتب

فاطمة أوزكان

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس