محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس

في ظروف صعبة للغاية على العراقيين جميعا بسبب الأوضاع غير الطبيعية التي يعيشها المواطنون العراقيون في شتى أنحاء العراق بين ويلات الحروب والظروف القاهرة للنازحين وللأوضاع المزرية لباقي الشعب العراقي الذي يعاني الحرمان في بلد النفط والخيرات.

بين هولاء وأولئك يعيش أفراد القومية الثالثة من التركمان في ضياع قدر لهم أن يكون دائما منذ الاحتلال الإنكليزي للعراق فقد تعمدت السلطات البريطانية تهميشهم بسبب كونهم من الرعايا الحقيقين للدولة العثمانية بسبب قوميتهم، إضافة إلى قيام نخبة من أبنائهم البررة بالثورة ضد الاحتلال البريطاني في تلعفر تاج الثورات عام 1920. ومنذ تلك اللحظة أحرقت كل أوراق التركمان حتى يومنا هذا ولم يبق لهم من معين إلا أنفسهم يتولى إنصافهم كقومية تؤمن إيمانا صادقا وحقيقيا ومعنية بالوحدة الوطنية ووحدة الأراضي العراقية واستقلالها.

إن الدعوات المخلصة إلى وحدة الصف التركماني من قادة الأحزاب وقادة الجبهة التركمانية العراقية في هذه الظروف الاستثنائية هي بمثابة وضع القاطرة على سكة الحديد حتى تبدأ مسيرتها وتحول تلك القضية العادلة في مطالباتهم بالحقوق المشروعة والمسلوبة إلى أصحابها من قضية سياسية إلى قضية مجتمعية مؤازرة من كل الشعب التركماني الذي لم يتردد في الدفاع عن البيت العراقي الكبير في كل الأحداث التي مرت على العراق.

إن وحدة الأطراف التركمانية لم تكن مطلبا للتركمان وحدهم بل إن الكثير من إخواننا العراقيين يرون أن قوة ووحدة التركمان هو سند داعم لهم في استقرار العراق برمته لأن التركمان كانوا دائما من المضحين من أجل الجميع من أبناء هذا البلد العزيز.

تـلعفر بؤرة الخـلاف والأمل الباقـي للتركمـان

لا داعي لذكر شجاعة التركمان في تلعفر فهم بحق أشهر من نار على علم في الشجاعة والتضحية، ومحبتهم لوطنهم يشهد لها الجميع، وهذه الصفة هي الباقية الجامعة لأهلها، ولكن ما يدمي القلب أن الصفة الجامعة هذه في حب بلدهم وأوطانهم لم تجمعهم على حب مدينتهم بل أن بذور الانشقاق التي زرعت في أرضهم قد نمت وتحولت إلى حنظلة شتّتت الأهل والأحباب جراء مرارة ما زرعوه إلى بقاع الوطن وخارج حدود الوطن وأصبح الحديث عن اللحمة الوطنية ورجوع أهلها إلى مدينتهم أملا بعيد المنال وربما يأس الكثير من الرجوع لأنها أصبحت من المستحيلات في نظر الكثيرين.

إن الأهل في تلعفر يدركون بلا شك أن التركمان ينتظرون أن تكون مدينتهم محور النشاطات وعاصمة التركمان في العراق وساحة الثقافة التركمانية وهذه النظرة والدور المنتظر لتلعفر أكده الأستاذ رياض صاري كهية رئيس حزب تركمان يلي في لقائي معه والذي نشر على موقعنا هذا، كما يؤيد هذه النظرة الاستراتيجية للتركمان معظم قادتهم ومفكريهم.

المـطلوب من أهالـي تلعـفر ووجهائهـا

لم يكن للكرام أية معضلة في التعايش السلمي في السابق في هذه المدينة المدنية الحضارية التي تتصف بها، لكن هذا لم يمنع من كون الرابطة الأقوى لا زالت رابطة الانتماء العشائري ورابطة القرابة والنسابة بين المكونين التركماني في تلعفر سنته وشيعته والأكثر من كل تلك الروابط هي رابطة اللغة الواحدة والثقافة المشتركة، بمعنى آخر أن الرابطة القومية هي أقوى الروابط التي كانت وما زالت الرمز المشترك بين الجميع وهذه الرابطة الأبدية بين الجميع كانت مزدهرة دوما ومسالكها مفروشة بالبساط الأخضروسالكيها من كلا الطائفتين السنية والشيعية ولم يكن هناك فضل لأحدهم على الآخر في نصرتهم لقوميتهم فللشيعة مفكرون ومثقفون وأدباء وشعراء تغنوا دوما بحضارة بلدهم ومدينتهم بهذه اللغة الحية، وهذه الصفة يتصف بها السنة التركمان أيضا في تلعفر ولكن دون فضل أو منة من طرف لطرف آخر فالكل كانوا يرفعون راية التركمان الموحدة لهم في تلعفر.

إذن المطلوب من أهالي تلعفر الآن وقبل فوات الأوان وقبل أن تكون الأيام الجميلة صورة من صور الماضي وذكريات ينشدها شعراؤهم أسفا عليها، المطلوب منهم شجاعة نادرة مسؤولة تقطع الطريق أمام استمرار هذه الحالة المأساوية وتنقذ كل المهجرين واللاجئين في المخيمات والمعسكرات بكل سلبياتها وترجعهم إلى بيوتهم ومساكنهم ومزارعهم وتفتح صفحة جديدة من صفحات التعايش الأخوي، هذه الشجاعة النادرة والمتميزة ومن نوع خاص تكون بقبول رابطتهم القومية كاعلى وأوحد وأشمل رابطة تجمعهم من جديد مع تأكيدنا بأن كل أهالي تلعفر من المسلمين.

تـرتيب البيـت التركمـاني

التركمان هم حاضرة المدنية والقلب النابض بالحب والتاخي في العراق والجيرة الحسنة والمواقف المشهودة الأخوية وأول المضحين وربما آخر المستفيدين ولذا فإن وجودهم بين أفراد الشعب العراقي هو كالبلسم على الجروح والابتسامة على الشفاه، وحاجة العراقيين إلى التركمان ضرورية لامتلاكهم  هذه الفضائل والصفات الحميدة المتميزة للتركمان خاصة إضافة إلى محبتهم الدائمة لكل العراقيين الخالية من العقد بدون تمييز طائفي أو مذهبي أو إثني.

إن الضرورة الحتمية الآن للتركمان حتى يكونوا عنوانا موحدا قويا ورقما لا يمكن تجاوزه هي ترتيب بيتهم التركماني والابتعاد عن كل ما يخالف هذا التوجه الضروري والمبدئي المنتظر من القيادات السياسية التركمانية الممثلين في البرلمان والأحزاب أو المنظمات والمفكرين والمثقفين وأصحاب الرأي وذوي الشأن، وهذه المطالب هي مطالب مشروعة للتركمان وأنا على ثقة بأن كل العراقيين ينتظرون أن يكون التركمان موحدين بصوت واحد قوي يقوي اللحمة العراقية بالرابطة الأخوية.

ليس لنا أن نطرح سبل الارتقاء بترتيب البيت التركماني لكن من حقنا أن نؤكد على اشتراك كافة طبقات المجتمع السياسي والثقافي والمهني والعشائري في وضع اللبنة الأولى للبناء حتى تكون بيتا مدعوما من كل شرائح المجتمع ومساهمين فيها مع علو شأن هذا البيت المنتظر الجميلان الحفاظ على الهوية التركمانية والحفاظ على أمن التركمان واسترداد حقوقهم المسلوبة والمطالبة الفعالة بحقوقهم المشروعة وإنهاء حالات الاعتداء التي تمارسها بعض العصابات ضدهم هي بالطبع أولى ثمرات الوحدة التركمانية بعد ترتيب بيتهم.

إن كانت هذه هي إحدى ثمرات الوحدة الأخوية المباشرة للتركمان فإن الشجرة التي حملت هذه الثمار سيستظل بها كل الطيبين من العراقيون وسيتناولون من ثمارها لأنها لم تزرع في أرض التركمان بل زرعت في أرض العراق أرض الجميع ووطن الجميع، والبيت التركماني واسع وسع أرض العراق.

نحن بالانتظار. وبانتظار أن يغير مقولته الشهيرة الشاعر الشهيرمظفر النواب:

(وطني هل أنت بلاد الأعداء).

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس