ترك برس

استبعد خبراء ألمان مختصون في قضايا الشرق الأوسط والعالم العربي، نجاح الاتفاق الروسي التركي في تحقيق سلام مستدام بسوريا رغم وقف إطلاق النار، مشيرين إلى أن تفاقم الخلاف بين إيران وروسيا بشأن دعم بشار الأسد "واقع لا محالة".

ونقلت "الجزيرة" عن رئيس قسم الشرق الأوسط بجامعة فيدرينا الألمانية البروفيسور "أودو شتاينباخ"، قوله إن تمكن روسيا وإيران عبر هذا الاتفاق من فرض تصوراتهما بدور مستقبلي للأسد حتى في مرحلة انتقالية على الأقل، يجعل الغرب خاسرا بهذا الاتفاق، لأنه أكد مرارا رفضه أي دور "للدكتاتور السوري".

وذكر شتاينباخ أن ترجيح وجود تصورات للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب تجاه الأزمة السورية تختلف عما لدى الأوروبيين، واحتمال توافق ترمب مع الروس والأتراك بشأن كيفية حل هذه الأزمة، سيجعل الاتحاد الأوروبي معزولا وفاقدا للتأثير بسوريا والشرق الأوسط.

وأكد الخبير السياسي الألماني أن تفاقم الخلاف بين إيران وروسيا -التي لا تريد ولا تستطيع مواصلة الانزلاق في المستنقع السوري- بشأن دعم بشار الأسد واقع لا محالة، وتوقع أن يؤدي إلغاء الرئيس الأميركي الجديد لاتفاق البرنامج النووي الإيراني إلى إرغام طهران على اللعب معه بورقة إسقاط الأسد.

وخلص شتاينباخ إلى أن البدء بمفاوضات لحل سياسي دائم للصراع السوري متوقف على نجاح موسكو في لجم الأسد وإرغامه على الالتزام بوقف إطلاق النار، واعتبر أن إصرار الأسد على مواصلة إستراتيجيته وسعيه لنقل سيطرته على الأرض من دمشق لباقي الأراضي السورية يعني استمرار الحرب.

وفي السياق نفسه استبعد رئيس قسم العالمين العربي والإسلامي في صحيفة فرانكفورتر تسايتونغ الألمانية راينر هاينريش نجاح الاتفاق الروسي التركي في تحقيق سلام مستدام بسوريا رغم وقف إطلاق النار، وأوضح أن هذا الاتفاق يعكس تفاهما بين طرفيه ولا يعبر عن اهتمامات الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين الآخرين.

ورأى هاينريش - بحسب الجزيرة - أن تركيا سعت لهذا التوافق مع روسيا بعد إدراكها مبكرا أن حصول موسكو على مساحة أكبر للعب بسوريا بعد تولي ترمب السلطة، سيضيق مساحة تأثيرها هي في هذه الساحة.

وقال الصحفي الألماني - الذي كان قد أجرى مقابلة مع الأسد قبل عامين - إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن يتمكن بحال خلال مؤتمر أستانا من الحصول على موافقة المعارضة السورية على أي حل يكون للأسد دور فيه.

وأشار إلى أن حسابات روسيا بالبحث عن حل للأزمة السورية مختلفة عن إيران "التي تعتبر سوريا قاعدة أساسية في مشروعها للهلال الشيعي"، ولفت إلى أن موسكو مهتمة بالحفاظ على النظام السوري وستتخلى عن الأسد إن وجدت بديلا آخر له.

ومن جانبه رأى مدير مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن والسياسات الدفاعية فولفغانغ إيشينغر أن ما حققته روسيا من وقف لإطلاق النار بسوريا هو نجاح تكتيكي للسياسة الخارجية لموسكو، لن يجعلها قادرة على إحلال السلام بالبلد العربي المضطرب أو محيطه.

واعتبر إيشينغر أن روسيا ورطت نفسها في سوريا بوضع لا تحسد عليه وبمشكلة ستنهكها، وأوضح أن الأكثرية السنة في سوريا والعالم العربي ترفض الأسد وفرض روسيا لنفسها حامية "لهذا الدكتاتور".

واتّفق الخبراء الألمان مع وزير خارجيتهم فرانك فالتر شتاينماير في تشكيكه بإمكانية تحقيق تسوية دائمة للصراع في سوريا، رغم الوقف الحالي لإطلاق النار الذي تم التوصل إليه هناك باتفاق بين روسيا وتركيا.

وبحسب "الجزيرة"، قال شتاينماير في مقابلة مع صحيفة راينشه بوست الألمانية، إن الدرس المستفاد من محاولات الهدن الفاشلة في الفترة الأخيرة هو أن إحلال السلام يحتاج ما هو أكثر من غياب المواجهات العسكرية.

واعتبر أن إنهاء المعارك في سوريا بشكل دائم غير ممكن دون مفاوضات سياسية حقيقية ومشاركة كل الفاعلين الرئيسيين في هذه الأزمة.

وبموازاة تصريحات رئيس الدبلوماسية الألمانية، شددت وزارته ولجنة الخارجية بالبرلمان الألماني (بوندستاغ) على عدم تغيير برلين موقفها الرافض لأي دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا، واعتبارها أن رئيس النظام السوري مجرد أداة لروسيا وإيران وليس فاعلا مؤثرا في أزمة بلاده.

من جهة أخرى، يرى بعض المراقبين أن الجهد الروسي - التركي الأخير يبدو الأكثر جدية من بين كل المحاولات السابقة لوقف القتال في سورية وتمهيد الطريق لحل سياسي يضع حدًا لمعاناة الشعب السوري، ويحقق تطلعاته في حياة ديمقراطية، حرة وكريمة، كما أن احتمالات نجاحه تبدو أكبر مقارنة بما سبق.

ويرى المراقبون أن السبب في ذلك إلى النفوذ الكبير الذي يملكه الروس والأتراك لدى أطراف الصراع السوريين والإقليميين، وظهور ما يشبه حالة إجماع دولي وإقليمي على وجوب إنهاء الأزمة التي شملت أضرارها الجميع بدرجات متفاوتة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!