كورتولوش تاييز - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

تركيا أمام موجة من الهجمات الإرهابية داخل أراضيها، وفي ذات الوقت تحارب إرهاب داعش في سوريا، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة الأمريكية لكي تقوم تركيا بالاعتراف بوحدات حماية الشعب (YPG) وبحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وآخر عرض تقدمت به أمريكا يتمثل بأنْ "تتخلى تركيا عن السعي من أجل السيطرة عل منبج، مقابل أنْ تقوم أمريكا باستهداف داعش"، وهذا عرض لا أخلاقي، ويدل على أنّ أمريكا غير معنية بمواجهة داعش، وهذا يقودنا نحو الإصرار أكثر على "إغلاق قاعدة انجرليك".

أنقرة غاضبة حيال هذا العرض من إدارة أوباما التي أوشكت على انتهاء فترتها، ولا شك أنّ أمريكا نجحت جزئيا في إقناع الدول الأوروبية للتعامل مع حزب الاتحاد الديمقراطي، لكنها لم تستطع اقناع أنقرة بذلك، وهذا الأمر لا يروق كثيرا للبيت الأبيض.

وسبب إصرارهم على هذا الأمر، هو أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي لن يُصبح هيكلا شرعيا ما لم تعترف به أنقرة، وما دامت تركيا لا تعترف به، فإنه لن يتحول الى عنصر شرعي، حتى لو استقبله هولند في فرنسا، ولو دعمه أوباما في أمريكا، فمفتاح شرعية حزب الاتحاد الديمقراطي بيد أنقرة، وليس بيد أمريكا ولا فرنسا.

ولهذا يواجهون تركيا من الجهات الأربع، لأنّ عدم اعتراف أنقرة بحزب الاتحاد الديمقراطي يُفسد كل المخططات الأمريكية في الشرق الأوسط، وسبب ما تتعرض له تركيا من هجمات متتالية، هو إصرارها المستمر على القضاء على حزب العمال الكردستاني، ولأنها تُفشل مشروع الممر الإرهابي على حدودها، كما وتعمل على تصفية جماعة غولن بصورة كاملة.

يهدفون إلى كسر شوكة الدولة التركية، من خلال الانقلابات، والإرهاب، والاغتيالات السياسية، ونشر حالة من الفوضى في المجتمع، لأنّ تنفيذ خططهم في الشرق الأوسط يمر عبر اعتراف انقرة بحزب الاتحاد الديمقراطي، والجلوس على طاولة المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني، وانهاء عملية تصفية جماعة غولن، وإلا ستفشل مخططاتهم.

ولا بد هنا من تذكر تصريحات أردوغان بعد محاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو، والتي قال فيها: "نجحنا بإفشال مخططاتهم في تركيا، والآن الدور لإفشال مخططاتهم في سوريا والعراق وليبيا".

استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية باقناع العالم بحزب العمال الكردستاني من خلال التلاعب بالحروف والمسميات، لكنها لم تستطع فعل ذلك مع تركيا، ونجح اردوغان في إفشال مخططهم من خلال عملية درع الفرات، وأفسد كل محاولات الغرب لخلق حالة من العزلة حول تركيا، من خلال التقارب مع روسيا وإسرائيل والحكومة العراقية.

نجحت تركيا في اتخاذ خطوات مستقلة تماما عن الغرب، ونجحت في الوقوف على قدميها، وذلك بعد 15 تموز، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ الجمهورية الحديث.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس