أسامة الذهبي - صحيفة تسايت - ترجمة وتحرير ترك برس

ستحدّد كل من روسيا وتركيا وإيران ملامح مستقبل سوريا، إثر اجتماعها في القمة المرتقبة في كازاخستان، عاقدين العزم على التوصل إلى وضع حدّ للحرب التي تنخر جسد البلاد.

ومن جهتها، تتفق الكثير من الدول الغربية حول التغيير الذي مسّ كل الثوابت في عام 2016، وهو ما ساهم في انقلاب كل الموازين رأساً على عقب. وفي المقابل، بقي الوضع في سوريا على حاله منذ اندلاع الحرب التي دمرت البلاد.

إن تاريخ هذه الحرب يعود إلى عام 2011، الذي شهدت خلاله سوريا حربًا أهلية خلفت ملايين اللاجئين، ومئات الآلاف من القتلى نتيجة القصف المكثف باستعمال الغازات السامة، فضلًا عن المجاعة التي يعاني منها عدد كبير من المدنيين المعزولين والمحاصرين.

تـقـاعـس غـربـي

بالإضافة إلى هذه الكوارث، عرف الشعب السوري مفاجأة تتمثل في تقاعس الغرب عن التفاوض لوضع الحد للحرب. إذ يعتقد الغرب أن سوريا تشهد صراعًا متداخل الأطراف، لا يمكن التفاوض بشأنه، معتبرًا أنه صراع سيتناساه التاريخ مع مرور الوقت.

وتجدر الإشارة إلى أن كلًا من روسيا وإيران وتركيا وسوريا ستعقد قمة في كازاخستان، على الرغم من غياب كل الدول الغربية والأمم المتحدة. لكن هذه القمة تُعتبر غير منطقية نظرًا لأنها ستجمع أطراف النزاع، أي الدول التي شاركت في الحرب، والتي وظفت كل معداتها العسكرية من جنود ومدافع وطائرات حربية، لتحقيق التقدم على أرض المعركة.

أما بالنسبة للأطراف المتدخلة في سوريا، فتُعتبر إيران حليفا لقوات النظام، بينما تتواجد القوات التركية في شمال سوريا، وتقوم روسيا بقصف كامل أنحاء البلاد. وإلى جانب هذه الأطراف المتنازعة، يمكن ذكر الدول التي غذت الصراع بالأسلحة والمعدات.

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأميركية تستهدف بقصفها تنظيم الدولة، لكنها لم ترسل قواتها ولا تملك قواعد عسكرية على أرض المعركة. وبالتالي لا يمكنها تقرير مصير الحرب الدائرة بين قوات النظام وقوات المعارضة.

من جهة أخرى، قرر الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما عدم تدخل بلاده في هذه الحرب، متّعظاً من الأخطاء التي قام بها أسلافه خلال التدخل عسكريًا في البوسنة والهرسك والعراق.

ورغم اتخاذ أوباما لقرارات مناسبة، على غرار رفضه إقامة منطقة حظر طيران في سوريا وعدم نشر قوات عسكرية في الأراضي السورية، فإن قراراته الأخيرة كانت سبب إقصائه من طاولة المفاوضات بشأن الحرب السورية. وفي هذه الحالة، لا يمكن أن تتخذ الولايات المتحدة الأميركية قرارات أكثر من التنديد بجرائم الحرب في مجلس الأمن الدولي.

وفي الواقع، لن يتغيّر دور الولايات المتحدة الأميركية من مصير الحرب السورية، مع تسلُّم الرئيس دونالد ترامب منصبه خلال الأيام القادمة، إذ أصبح من الواضح أنه لا يمكنه التدخل في الحرب بعد أن اقتربت من نهايتها.

وفي الوقت الراهن، تملك الدول المشاركة في القمة كل وسائل الضغط بين يديها، فإيران حليفة لقوات النظام، كما سبق أن لعبت الطائرات الروسية دوراً مهماً في استعادة حلب.

شـبـاب سـوري غـيـر مـتـعـلِّـم يـعـانـي مـن ويـلات الـحـرب

يمكن أن تنجح الدول المشاركة في القمة في وضع حدٍّ للحرب في صورة التوصل إلى اتفاق. لكن هل ترغب هذه الدول فعلًا في ذلك؟

في حقيقة الأمر، لا تزال المصالح متباينة. فرغم توطّد العلاقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، فإن أردوغان لا زال يدعم قوات المعارضة في سوريا، ما ساهم في عودة الخلافات بين المحور التركي والروسي بعد مقتل السفير الروسي بتركيا على يد حارسه.

وفي الحقيقة، يُعتبر وضع سوريا شبيهًا بوضع العراق عند بداية الغزو الأمريكي. ففي الوقت الراهن، تعاني سوريا من دمار كامل وبنيتها التحتية متضررة للغاية. كما أن الشباب السوري غير متعلم ويعيش حالة إحباط نتيجة الحرب التي دمرت بلاده.

أما تنظيم الدولة، فلم يتلقَّ ضربات موجعة منذ وقت طويل، في حين ترفض قوات المعارضة المشاركة في المفاوضات، الأمر الذي من شأنه أن يزيد الوضع سوءًا.

وبالأحرى، يمكن القول إنه لا دراية لنا بالمخططات الأميركية القادمة، لكننا نعلم أن الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة على استعداد لتقديم مزيد من المساعدات الإنسانية للشعب السوري واللاجئين.

وباختصار، ستحدد قمة كازاخستان الكثير من الجوانب الغامضة حول الوضع في سوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!