كورتولوش تاييز - أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

فقدت أمريكا وجودها على طاولة المفاوضات حول الملف السوري بعد اتفاق روسيا وتركيا، وبدأت بتوجيه الانتقادات واللوم لتركيا بعدما اكتشفت أنْ لا مكان لها على طاولة مفاوضات أستانة، وهي التي كانت تسعى حتى وقت قريب إلى إجلاء تركيا عن الساحة، وإبعادها عن طاولة القضية السورية، فكيف حصل هذا التغيير؟

نجحت تركيا بتثبيت نفسها ودورها من خلال المناورات السياسية السريعة، حيث عملت تركيا على تطبيع العلاقات بسرعة مع روسيا وإسرائيل، وتركت موضوع التحالف التقليدي مع أمريكا وتوجهت أكثر نحو روسيا، واختارت التحالف مع الأخيرة، وبذلك استطاعت تطبيع العلاقات المتوترة مع كل من إيران والعراق.

وهذا يعني أنّ التحالف الأمريكي التركي لم يكن يصب في مصلحة تركيا، وبرز ذلك من خلال دعم إدارة أوباما لحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي وجماعة غولن، واستمر في دعمهم رغم انفضاح أمرهم، ولم يكن بوسع تركيا غض الطرف عن ذلك.

لم تجد أنقرة صعوبة في تحويل وجهتها وتجاهل تحالفها مع أمريكا، حيث ساهمت محاولة انقلاب جماعة غولن ليلة 15 تموز/يوليو، وكذلك الموقف الأمريكي المُعلن الداعم لحزب الاتحاد الديمقراطي، ساهمت بتقوية الموقف التركي نحو التخلي عن التحالف مع أمريكا وتجاهله.

كما أنّ الرأي العام التركي دعم توجه الدولة نحو التقارب مع روسيا، في ظل استمرار دعم أمريكا لحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، واللذان يسعيان لتأسيس "دولة الإرهاب" على حدود تركيا الجنوبية.

وساهمت هذه الظروف بسلاسة توجه الحكومة التركية ورئاسة الجمهورية بالتقارب مع روسيا دون وجود اعتراضات لدى مراكز صنع القرار في أنقرة، خصوصا وأنّ الدعم الأمريكي لمنظمات إرهابية قاد إلى تراجع حاد في العلاقات التركية الأمريكية.

لا شك أنّ تركيا لم تقطع علاقاتها تماما بالولايات المتحدة الأمريكية، ولم تتوجه تماما نحو روسيا، وإنما استطاعت تركيا التحوّل إلى قوة مؤثرة في المنطقة بعدما كسرت أصفاد الغرب عنها وتحررت قليلا. واليوم أصبحت أمريكا تنتظر من تركيا ان تدعوها للمشاركة في مفاوضات الشأن السوري، بعدما حاولت أمريكا مرارا وتكرارا إبعاد تركيا عن المشهد، بل تصرف أوباما مع تركيا كما أنها "دولة معادية"، ودعم المنظمات الإرهابية، ووقف خلف الهجمات الإرهابية ومحاولة الانقلاب الفاشلة.

تصرف إدارة أوباما بهذا الشكل كان له فائدة، والتي تمثلت بوصول تركيا إلى مرحلة استطاعت من خلالها فرض إعادة رسم العلاقات مع أمريكا على أسس أكثر ديمقراطية وأكثر ندية، ولهذا اليوم نحن أمام فرصة جديدة لتحقيق ذلك.

يُعتبر تاريخ 20 كانون الثاني/يناير، تاريخا يحمل في طياته بدء مرحلة جديدة قد تكون مُفيدة لتركيا، والأمر يعتمد هنا على قيام ترامب بإصلاح العصابة الأممية التي تتحكم في العالم. ولا شك أنّ تركيا اليوم تسير بسياسة مستقلة تماما عن أمريكا ترامب، مستمدة قوتها من الملحمة الشعبية التي جرت ليلة 15 تموز/يوليو، ولن يغير موقف ترامب وتصرفاته من وجهة طريق تركيا، وإنما قد يسهل وصول تركيا لأهدافها، أو يُصعب الطريق إليها.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس