هلال قابلان – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

"كنا نأكل الطعام، حينها قلت: غدا سوف نعلن تأسيس الجمهورية، وكل من تواجد هناك على مائدة الطعام شاركوني بالفكرة، تركنا الأكل، وخلال فترة قصيرة وضعت جدول أعمال الحدث الأهم ليوم غد، وكلفت فيه المسئولين... وهنا تلاحظون يا سادة، أنني لم استدعي كل المسئولين في أنقرة من أجل الحديث عن قرار إعلان الجمهورية، لأنه لم يكن عندي أي شك أنهم كلهم سيوافقون على هذا القرار".

هكذا شرح مصطفى كمال قصة تأسيسه للجمهورية، فنواب مجلس الأمة لم يكونوا موجودين للموافقة على هذا القرار، لكن تم تمرير القرار، وهكذا تم الإعلان عن تأسيس الجمهورية في ليلة واحدة.

أصبح بعد ذلك نفس الشخص، رئيسا للدولة ورئيسا للحزب الحاكم أيضا، وعيّن ثلاثة نواب له، وكذلك قام هذا الرئيس بتعيين نواب مجلس الأمة بنفسه، لتصبح دولة ذات حزب واحد، دولة أقرب لنظام ديكتاتوري.

وخلافا للرواية الرسمية، فإن نواب مجلس الأمة بدوا حينها منزعجين من قرار تأسيس الجمهورية، وأبدوا خوفهم وقلقهم من مستقبل هذه الجمهورية والقوانين التي ستطبقها من خلال دولة الحزب الواحد.

واليوم أصبحنا نفهم بصورة أفضل سبب انزعاجهم وقلقهم في ذلك الوقت، لأننا اليوم وبعد 91 عاما على تأسيس الجمهورية، نعمل جاهدين من أجل تلافي المشاكل والقوانين الجائرة والظالمة التي صدرت منذ تأسيس الجمهورية وطيلة فترة حكم الحزب الواحد، فمن قانون "تقرير السكون" إلى محكمة الاستقلال، ومن "خطة الإصلاح الشرقية" إلى مجزرة "درسيم"، ومن مواضيع الضرائب إلى قانون منع الحجاب، وغيرها من القوانين والأفعال التي نسعى اليوم إلى إصلاحها وإنهاء آثارها الكارثية.

قبل عامين، تم تكريم أحد الذين تعرضوا للظلم بسبب قرارات محكمة الاستقلال الجائرة، وهو العالم الإسلامي التركي "محمد عاطف هوجا"، من خلال إطلاق اسمه على أحد المستشفيات في مدينة "تشوروم".

وقبل عدة أشهر، أطلقنا اسم "الشيخ سعيد" على ميدان "ديار بكر" الرئيسي، هذا الشيخ قد ظلم من خطة الإصلاح الشرقية وكذلك من قرارات محكمة الاستقلال.

وقد قام اردوغان في فترة رئاسته للوزراء بالاعتذار عن المجزرة التي حدثت في "درسيم" بعد تأسيس الجمهورية وخلال فترة حكم الحزب الواحد.

أما الحكومة التركية الحالية فقد بدأت بإعادة الوقف غير الإسلامي لأصحابه بعدما وضعت الدولة يدلها عليه إبان تأسيس الجمهورية التركية، وما زال هذا الموضوع يشغل حيزا هاما من أعمال الحكومة.

واليوم أصبح موضوع منع الحجاب من الماضي تقريبا، وعادت المياه إلى مجاريها بالنسبة للفتيات في تركيا، وبمرور كل عام نرى نسبة الحجاب تزداد في الجامعات التركية، التي كانت محرّمة على الفتيات المحجبات منذ تأسيس الجمهورية وحتى زمن قريب.

كل هذه التطورات والتعديلات لا تكفي على الإطلاق لإزالة الظلم الذي كان على الشعب منذ حُكم الحزب الواحد، ومهما عملنا وبدلنا وغيرنا سيبقى ذلك مسجلا في التاريخ، الذي سيشهد أن هناك العديد من الشخصيات قد ظلمت وأعدمت بسبب تلك السياسة الظالمة.

لكن مع كل هذا، فإنّ ما يجري اليوم في تركيا هو مؤشرات حقيقية للعودة إلى الطريق الصحيح، وخصوصا إذا ما تحققت عملية السلام بالصورة المطلوبة، وحينها ستكون تلك هي الجمهورية التي تستحق أن نحتفل بها، الجمهورية التي تحتضن كل فئات وأطياف شعبها، وتحكمها الديمقراطية بإرادة الشعب.

فلننتصر للدكتور الشوّا

ألقت الشرطة الإماراتية القبض على الدكتور عامر الشوّا الذي يحمل الجنسية التركية، وذلك عند نزوله في مطار دبي، دون توضيح أسباب اعتقاله حتى الآن، وبعد جهود حثيثة من القنصلية التركية حصلت على  معلومات مفادها أنّ الشوا قد تم نقله إلى العاصمة أبوظبي. لكن إلى حد الآن لم تلتق به أسرة الدكتور ولا حتى محاميه ، ولم يتم تقديمه حتى الآن إلى أي جهة قانونية، مما قد يعني أنه يتعرض للتعذيب في أحد السجون.

إلقاء الشرطة الإماراتية القبض على مواطن تركي من أصول فلسطينية، قد يكون امتدادا لسياستها ضد تركيا، أو امتدادا لسياستها المؤيدة لإسرائيل، ونحن نعلم أن الخارجية التركية تتابع الموضوع، لكن ما نريده هنا هو التذكير بهذه المسألة من أجل أخذها على محمل الجد بصورة أكبر.

عن الكاتب

هلال قابلان

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس