ترك برس

رأى تقرير لمركز ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا أن التعاون التركي الروسي في سوريا ليس معاديا للغرب ولا يهدف إلى تهميش دور الولايات المتحدة في المنطقة، لكنه يهدف إلى الحد من النفوذ الإيراني وحلفائه وتقييد نظام الأسد، وترسيخ دور روسيا بوصفها صاحبة الكلمة الفصل في سوريا.

وأوضح التقرير الذي أعده براندون فريدمان أن الخلافات بين موسكو وطهران حول الخطوات المستقبلية في سوريا بدأت في الظهور بعد إخفاق روسيا والولايات المتحدة في فرض وقف لإطلاق النار في حلب في شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، وهو ما أدى إلى دعم روسيا للعملية العسكرية التركية في شمال سوريا من أجل الحصول على داعم قوي لموسكو في التوصل إلى تسوية سياسية.

وأضاف التقرير أن روسيا من أجل تحقيق هذه الغاية تصالحت مع تركيا للحد من نفوذ إيران وتقييد نظام الأسد، والحد من قدرته على المناورة بين روسيا وإيران، وفي الوقت نفسه يمكن لموسكو أن تستغل التنافس التركي الإيراني في لعب دور الوسيط بينهما، حيثت تتمتع بعلاقات جيدة مع البلدين.

وتابع أن روسيا بدأت إعادة تقويم سياستها في سوريا في شهر أغسطس الماضي حين وقف نظام الأسد إلى جانب إيران في رفض جهود وقف إطلاق النار الذي يمنعه من سحق الثوار في حلب، وقوبل تصريح الأسد بأنه مصمم على استعادة كل شبر في سوريا بتوبيخ من موسكو.

وفي هذا الصدد ينقل التقرير عن المحلل الروسي فلاديمير فيرلوف أن روسيا وجدت نفسها عاجزة عن الوفاء بالتزام عملائها الأسد وطهران بتعهداتها للولايات المتحدة ومجلس الأمن، وبعبارة أخرى هددت تصرفات الأسد بوصفه عميلا منفلتا خطة روسيا لحصد مكاسب في سوريا، حيث كان يطمح إلى كسب الوقت للقضاء على المعارضة.

ونوه التقرير إلى أن موسكو حاولت الحد من النفوذ الإيراني واستعادة السيطرة على الأسد من خلال وضع الميليشيات الموالية لإيران تحت قيادة موحدة للجيش السوري لكنها أخفقت، ولذلك تحولت إلى التعاون مع تركيا سعيا منها لمزيد من السيطرة على شركائها في سوريا، وبعد أسبوعين من زيارة الرئيس أردوغان لموسكو أطلقت تركيتا عملية درع الفرات في شمال سوريا.

وأشار التقرير إلى أن التعاون التركي الروسي يخدم مصالح البلدين في سوريا، فهو يطلق يد تركيا في شمال سوريا لإحباط الطموحات الإقليمية للأكراد السوريين الذين تدعمهم الولايات المتحدة، وفي المقابل تحصل روسيا على شريك يتفق معها في العمل على الحد من النفوذ الإيراني ويساعد في إنهاء الصراع بالتعاون مع المعرضة السنية غير الجهادية.

وعلاوة على ذلك  يقدم الوجود العسكري التركي في شمال سوريا لموسكو وسائل مواجهة الطموحات الإيرانية والكردية في سوريا، وأدى تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين إلى شن غارات جوية مشتركة على أهداف لداعش,

واستبعد التقرير أن يكون إعلان موسكو في شهر ديسمبر الماضي عن وضع خارطة طريق لإنهاء الحرب السورية علامة على قوة العلاقات الروسية الإيرانية، أو أن  يكون التعاون العسكري التركي الروسي محاولة لإبعاد تركيا عن الغرب وتشكيل محور ثلاثي مع إيران وروسيا، لأن هناك حالة من عدم الثقة وتضارب المصالح بين إيران وروسيا وإيران وتركيا.

وأوضح أن الأطراف الثلاثة لديها مصالح متباينة في سوريا، فالأولوية بالنسبة إلى تركيا هي منع الأكراد السوريين المتعاونين مع البي كي كي من تكوين دويلة مستقلة على الحدود السورية، كما أن تركيا لن تتخلى ببساطة عن المعارضة السورية التي دعمتها طيلة خمس سنوات حتى يتم إدماجها في العملية السياسية.

تنظر موسكو إلى علاقات تركيا بالمعارضة السورية على أنها حجر الزاوية في جهودها الرامية للتوصل إلى حل سياسي، وفي المقابل تنظر إيران إلى هذه العلاقة بعداء صريح، ولذلك يرى التقرير أن تحول موسكو في اتجاه تركيا ينبغي النظر إليه على أنه مؤشر على وجود خلافات بين موسكو وطهران حول مستقبل سوريا.

ولعل من أبرز نقاط الخلاف بين موسكو وطهران هو رغبة إيران في لبننة النظام في سوريا، وهو ما يعني وجود حكومة ضعيفة تدين بالولاء الكامل لإيران، في حين يرغب بوتين في قيادة جديدة بعيدة عن النفوذ الإيراني، كما أن نقل السلطة بعيدا عن عائلة الأسد وتعزيز المؤسسات السورية سيمنع قوة القدس الإيرانية من الاستيلاء على الدولة السورية، ويمكن روسيا من الحفاظ على نفوذها على المدى الطويل.

وخلص التقرير إلى أن حرص روسيا على التوصل إلى تسوية سياسية بالتعاون مع تركيا لا يعني أنها تبحث عن الخروج من سوريا، لأن الحرب السورية مكنتها من استعادة قدر كبير من نفوذها الذي فقدته أمام الولايات المتحدة، ولذلك تعاونت مع تركيا في العملية الدبلوماسية للحد من حرية إيران والأسد في العمل، وتأكيد أن روسيا لديها الكلمة الأخيرة في أي تسوية سياسية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!