ترك برس

وصفت صحيفة جيروزاليم بوست إيران وتركيا بأنهما أبرز قوتين إقليميتين في منطقة الشرق الأوسط، وأن استراتيجية البلدين هي التي ستحدد المستقبل السياسي للمنطقة خلال العقود المقبلة.

وقالت الصحيفة في مقال لدافيد بتاشفيلي المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الجورجي، إنه لا يوجد لهما منافس إقليمي لتركيا وإيران من حيث عدد السكان أو القوة الاقتصادية والعسكرية، فمصر لديها عدد كبير من السكان لكنها تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية عميقة، والسعودية تملك موارد مالية ضخمة لكنها لن تكون ندا عسكريا لتركيا وإيران، أما إسرائيل القوية من الناحية العسكرية والقوة النووية فلا يمكنها أن تمارس نوعا من النفوذ خارج حدودها.

 وأضاف بتاشفيلي أن حالة الصراع الحالي بين البلدين ليست أمرا فريدا، فقد خاضت تركيا وإيران حروبا عنيفة على مدى القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر من أجل الهيمنة على منظقة الشرق الأوسط، ودار كثير منها في جنوب القوقاز وتحديدا في جورجيا.

واستعرض جذور الصراع التاريخي بين تركيا وإيران الذي يعود إلى ما قبل الإمبراطورية العثمانية والصفوية، فقد دخلت الإمبراطورية البيزنطية والساسانية الفارسية صراعا مريرا انتهي بالفتح العربي، وكانت الإمبراطورية الساسانية مقدمة لظهر الدولة الإيرانية الحديثة، كما كانت الإمبراطورية البيزنطية في تلك الفترة تشبه الدولة العثمانية فيما بعد.

وفي القرن الحادي والعشرين أخذ الصراع بين تركيا وإيران أشكالا وأساليب جديدة، وكانت الحرب السورية هي أوضح مثال على ذلك، حيث دعم البلدان طرفي النزاع، فقدمت إيران المساعدات المادية والدبلوماسية والعسكرية لنظام الأسد من خلال ميليشيا حزب الله ومجموعات المرتزقة الشيعية فضلا عن وحدات النخبة العسكرية الإيرانية، بينما دعمت تركيا جماعات المعارضة ضد الأسد.

وأشار بتاشفيلي إلى أن العراق يعد ساحة أخرى للصراع الاستراتيجي بين تركيا وإيران، حيث تخضع الحكومة العراقية للنفوذ الإيراني القوي، وتسعى إيران للسيطرة على المناطق السنية والتركمانية في شمال العراق، وفي المقابل تحرص تركيا على عدم وقوع الموصل بعد تحريرها من داعش في يد حكومة بغداد الصديقة لإيران.

وبحسب المسؤول الأمني الجورجي فإن محاولة السيطرة على حركة حماس في غزة هي مثال آخر للسياسات الإقليمية لتركيا وإيران، حيث يحاول كلا البلدين الإبقاء على حماس شريكا حصريا له، وفي حين تستند أنقرة إلى انتماء حماس إلى حركة الإخوان المسلمين التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع حزب العدالة والتنمية، تستخدم طهران المصالح البراغماتية استنادا إلى أن إسرائيل هي العدو المشترك لحماس وطهران.

 أما آخر ساحات الصراع التي ظهرت في الآونة الأخيرة فهي الجغرافيا السياسية للخليج العربي، حيث سعت تركيا وغيرها من اللاعبين في منطقة الخليج من حدوث أي تغيير في الوضع الراهن لصالح إيران.

وقال بتاشفيلي إن تركيا تبدو على الطريق كي تصير لاعبا مؤثرا في الخليج مع وجود قاعدة عسكرية تركية يجري تأسيسها في قطر تضم 3000 جندي ووحدات جوية وبحرية ومدربين عسكريين وقوات خاصة، ويبقى أن نرى كيف سيؤثر الوجود العسكري التركي في هذه المنطقة الحيوية بالنسبة إلى إيران في العلاقات بين القوتين.

وختم مقاله بأنه ما لم ينته الأمر بإيران بحرب كارثية مع الولايات المتحدة فستبقى إيران وتركيا أبرز قوتين إقليميتين في المستقبل المنظور، وسيحدد الصراع والتنافس بينهما التطورات الدولية والإقليمية في الشرق الأوسط.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!