خاص ترك برس

قال الخبير الأمني التركي جان كساب أوغلو إن عملية درع الفرات التي يشنها الجيش السوري الحر مدعومًا بالجيش التركي لن تنتهي عند انتزاع مدينة الباب من تنظيم داعش الإرهابي، وأن السيطرة على المدينة ستكون إيذانا ببدء عمليات جديدة لمكافحة الإرهاب عبر الحدود التركية مع سوريا.

وأشار كساب أوغلو الباحث في مركز إيدام لدراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول في مقال نشرته الجزيرة الإنجليزية إلى أن درع الفرات أثبتت فعاليتها من حيث وتيرة العمليات والتقدم الاستراتيجي على الأرض، فخلال المراحل الأولى التي بدأت من جرابلس حققت تركيا أهدافها العملياتية بسرعة، ومن الناحية العسكرية الجيواستراتيجية طهر الجيش التركي مساحة وصلت إلى 1100 كم خلال خمسين يوما، ثم سيطر على مساحة 2000 كم حتى وصل إلى الباب.

وتطرق كساب أوغلو في مقاله إلى الصعوبات التي يواجهها الجيش التركي في مدينة الباب، ومنها أن تنظيم داعش الإرهابي أخذ يتبنى تكتيكات قتالية هجينة. وتشير الدروس المستفادة من طرق داعش في القتال في المناطق الحضرية إلى أن التنظيم حشد أكبر مقاومته في الحزام الزراعي المحيط بالقرى والبلدات.

وعلاوة على ذلك يتبع داعش استراتيجية دفاعية تهدف إلى إلحاق أكبر الخسائر بتركيا وليس الدفاع عن المناطق الحضرية حتى آخر شارع، حيث يعتمد التنظيم في الدفاع عن مدينة الباب على حروب الأنفاق والسيارات الانتحارية، وزرع العبوات المتفجرة، والصواريخ المضادة للدبابات المحمولة على الكتف.

وأضاف الخبير الأمني أن العوامل الجيوستراتيجية تمثل أيضا تحديات لدرع الفرات، حيث ما تزال الباب معقلا قويا لداعش غربي نهر الفرات مما جعل التنظيم في موقف دفاعي ثابت، كما أن تباطؤ العمليات ضد داعش في الرقة والموصل مكن التنظيم من تعزيز تحصيناته.

ورغم ذلك رأى كساب أوغلو أن سقوط الباب ما يزال ممكنا مع عمليات الانتشار الأخيرة التي نفذها الجيش التركي.

وفيما يتعلق بالاستراتيجية التركية في مدينة الباب قال كساب أوغلو إن الهجوم التركي يسعى إلى تحقيق هدفين تكتيكيين في وقت واحد، ففي الغرب توغلت القوات التركية واستولت على كامل مرتفعات جبل عقيل والمستشفى الوطني، وفي الشمال الشرقي شنت قوات النخبة التركية والجيش الحر هجمات استهدفت خطوط اتصالات داعش في بلدتي قباسين وبزاعة وتطويق المناطق المجاورة.

ونوّه إلى أن الجيش التركي غيّر تكوين القوة المشاركة في درع الفرات بعد مرحلة الباب، حيث نشر قوات النخبة التي لديها خبرة في عمليات مكافحة الإرهاب لدعم الجيش السوري الحر والعناصر التركمانية المشاركة في درع الفرات. ويشير خبراء إلى أن هذه الخطوة تأتي للتعويض عن القدرات القتالية المتواضعة نسبيًا للجيش الحر في قتال داعش.

خـلافـات سـيـاسـيـة

قال كساب أوغلو إنه على الرغم من الدعم الجزئي الذي قدمه التحالف الدولي المناهض لداعش الذي تقوده الولايات المتحدة، فإن موقف التحالف تغير تغيرا جذريا عندما قررت أنقرة التوغل في الباب، مرجعا القرار التركي إلى الخلافات مع التحالف بشأن حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية.

وأضاف أنه في الوقت الذي انتقدت فيه تركيا الغرب لعدم تقديمه الدعم في عملية درع الفرات، بدأت أنقرة تشن عمليات جوية مشتركة مع روسيا في الباب، مما كان له أثر كبير في كسر مراكز مقاومة داعش، ونقطة تحول في مسار الحرب الأهلية السورية.

وبحسب كساب أوغلو فإن العلاقات التركية الروسية رغم هذا التعاون تبقى معقدة بطبيعتها، وتغطي سياقا جيوسياسيا أوسع بكثير من التعاون في شمال سوريا، ولذلك فإن التنبؤ بمستقبل هذه العلاقات في الوقت الحاضر ليس دقيقا.

ورأى أن دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إقامة مناطق آمنة في سوريا يمكن أن تترجم إنجازات درع الفرات من خلال الاعتراف بسيطرة الجيش السوري الحر والتركمان الأتراك على هذه المناطق تحت إشراف تركي، لكن تركيا ستعارض بشدة إدارة ترامب إذا كانت خطتها للمناطق الآمنة تشمل مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي.

وأشار إلى أن  تطهير الباب من داعش لن يكون نهاية للعملية التركية، فالاستيلاء على المدينة والحفاظ على الاستقرار فيها سيكون إيذانا ببداية عمليات تركية لمكافحة الإرهاب في سوريا.

وختم كساب أوغلو مقاله بدعوة القيادة التركية إلى ضرورة التركيز على قدرتها الدبلوماسية وسيطرتها الجماعات السورية المحلية الصديقة لأن ذلك من شأنه أن يحافظ على الاستقرار في الباب عندما تنجز القوات التركية المرحلة الأولى من عملياتها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!