فاتح ألطايلي – صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس

لا أدري إن كنتم تشاركونني بشعوري الآن نحو تركيا، فمنذ أن أصبح اردوغان رئيسا للجمهورية، انخفض الضغط في تركيا بصورة ملحوظة. لا أقول أنه نزل لمستواه الطبيعي، لكنه ليس بمستوى يمكن أن تنفجر بسببه الشرايين.

مهما حاول داود أوغلو أن يُظهر أنّه "رجل عصبي"، لم ولن ينجح في ذلك بسبب طبيعته ومزاياه الشخصية، ولا يمكن أن يكون مقنعا لنا بأنه عصبي، فقد يغضب، ويصرخ، وينفعل، لكنّ ذلك لا يبدو عليه ذلك حقيقيا، لطبيعة شخصيته.

وما دام داود أوغلو بهذه الطريقة، لن تستطيع المعارضة التقدّم للأمام، وأما اردوغان فهو الآن لا يجد الكثير من الفرص للحديث، وهو في الحقيقة يسعى بكل قوة لإيجاد فرص للحديث ولمخاطبة الناس، لكنه لم يعُد يستطيع الخطابة كما كان رئيسا للوزراء، فهو يشعر أنّ مقامه الجديد يقيّده ويفرض عليه أسلوبا جديدا أكثر هدوءا واتزانا.

 حتى إنّ الإعلام -بدون قصد- بدأ خلال الأشهر الماضية بتقليل الحيّز الذي يشغله اردوغان، وهذا ما أصبحنا نلاحظه بصورة ملموسة، وهو أنّ اردوغان فقد "تأثيره" الواضح في الإعلام، وهذا أدى إلى انخفاض ضغط الدولة التركية، وربما يكون اردوغان منزعجا جدا من ذلك، لكن ليس بيده شيء ليعمله ما دامت الدولة لم تنتقل بعد إلى النظام الرئاسي.

بفقدان اردوغان تأثيره الواضح، كيف ستكون الانتخابات العامة في حزيران من العام المقبل 2015؟

القراءة الأولى تشير إلى أنّ حزب العدالة والتنمية سيفقد مقدارا من الأصوات، وهذا ليس بسبب عدم وجود اردوغان على رأس الحزب، بقدر ما هو بسبب وضع تركيا الحالي، لكن اردوغان لا يرى الوضع كذلك، وإنما يراه من باب "أنا ذهبت، والحزب في طريقه للهاوية"، ولهذا تأثير أيضا.

ولكي يتعامل مع هذا الاحتمال، أتوقع أنْ ينزل اردوغان في الربيع القادم إلى الميادين "كرئيس جمهورية محايد"، ولا شك أنه سيجد أي حجة من أجل النزول إلى الميادين والخطاب في الناس قبيل الانتخابات القادمة، وسيطلب التصويت لحزب العدالة والتنمية سواء بذكر اسمه بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، وسيخاطب الناس بأنّ هذه الانتخابات ستكون بمثابة "الاستفتاء على النظام الرئاسي"، وهذا يعني أنّ الربيع القادم سيكون مثيرا.

"إسرائيل" بوضع صعب

أمس عندما سألت عن مَن هو "المتنمّر" في منطقتنا، وصلتني رسالة من صديق لي متخصص في الشأن "الإسرائيلي"، بعنوان "الانتحار البطيء"، وسألته ماذا تقصد بذلك؟ قال "وضع إسرائيل ليس بأفضل منا"، وعندما سألته عن تفسير ذلك، كتب لي، وسأقتبس ما كتب بالنص، حيث قال:

"الدولة العبرية تعيش أزمة إدارية، وتتجه سياستها تجاه ما يريده الفاشيون فيها، حيث أصبح المجتمع هناك مفككا بمرور الوقت، فهم يتجهون نحو وجود مجتمعين، بإدارتين منفصلتين، داخل دولة واحدة. وإسرائيل قد فقدت الكثير من هيبتها في المجتمع الدولي، وخصوصا في أوروبا التي بدأت بمعاداة الدولة العبرية، فما قامت به إسرائيل خرج عن طور الأمور المألوفة، حتى إن بعض الدول الأوروبية قد اعترفت رسميا بفلسطين، وستتبعها دول أخرى. ووضع إسرائيل داخل الولايات المتحدة لا يحسدون عليه، فعلاقتهم مع الإدارة الأمريكية حاليا ليس كما كان في السابق بل ازداد سوءا، حتى إنّ المثقفين الأمريكان بدؤوا يتذمرون من دلال إسرائيل، وبدئوا ينتقدونها بصورة علنية وبصوت مرتفع.

ثقوا تماما أن سمعة إسرائيل الدولية أسوء بكثير من سمعة تركيا، التي يحاولون بصورة مكثفة ضرب سمعتها بربط اسمها بالإرهاب".

لن أقول أنني حزنت على ما لخصه لي صديقي، لكننا يجب أن ندرك أنّ إسرائيل ستخلق مشاكل جديدة في المنطقة من أجل الخروج من وضعها السيئ ذلك.

عن الكاتب

فاتح ألطايلي

كاتب في صحيفة خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس