حسن بصري يالتشين - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

تشهد العلاقات الدبلوماسية التركية الإيرانية توترا منذ بضعة أيام، ولم يكن هذا التوتر حديث العهد فقد بدأ منذ عام 2012 واستمر حتى الآن، وهذا ليس غريبا فتركيا وإيران طرفان مختلفان تماما في الحرب السورية.

كانت إيران متمسكة بعصبيتها المذهبية في الوقت الذي كانت تدعم فيه تركيا الديموقراطية، فالكل يعلم أن سياسة إيران الخارجية هي سياسة مذهبية بحتة. وقد برزت هذه النزعة بشكل واضح في الفترة الأخيرة من الحرب السورية، لكننا كلنا نعلم أن المذهبية ليست هدف إيران بل وسيلة تستعملها فقط للتدخل بقوة في المنطقة.

وفي سبيل ذلك فهي تدعم مختلف أنواع المجموعات والتنظيمات في الشرق الأوسط بشكل مخفي أو بشكل علني، من حزب الله في لبنان للحشد الشعبي في إيران ومن نظام الأسد لجماعة الحوثي في اليمن، فمهما بحثنا نجد إيران خلف هذه المجموعات والتنظيمات، أينما توجد حرب أهلية فإيران متواجدة هناك وأينما يقتل المسلمون بعضهم بعضا فإيران تكون في الصفوف الأولى.

لم تستفِد إيران شيئا من سياساتها المتبعة منذ القرن السادس عشر وحتى يومنا هذا، وما فعلته في سوريا ليس جديدًا علينا، لكن يقال على زعمهم إن إيران نجحت في سورية، بل على العكس ما فعلته إيران في سورية قد استنزفها وهدر طاقاتها.

في الحقيقة تكبدت إيران خسائر كبيرة جراء دخولها الحرب في سورية، فقد انخفضت المناطق الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد حتى العشرين في المئة، أي أن إيران التي قلبت الصورة في سوريا ليس لها أي يد في النجاح السياسي الذي حصل على طاولة الحوار، على العكس من ذلك، فقد ساعد فشل إيران بدخول أمريكا وروسيا إلى الساحة السورية، وبدخول روسيا انقلبت الموازين.

في الحقيقة سقط القناع الذي يوحي بأن إيران هي اللاعب المستقل والرابح في المنطقة، وبدا أن الرابح هي روسيا وليست إيران، فبالرغم من دخول إيران الحرب على الأرض لكنها تحت إمرة القائدة روسيا، ويوما بعد يوم تصبح إيران غير فعالة في هذا الموقع.

وبالرغم من بعض التنازلات التي تقدمها روسيا لإيران إلا أن الأخيرة من الصعب أن تخرج عن الهيمنة الروسية، كما أن روسيا هددت إيران بعد الخروقات التي ارتكبتها أثناء إفراغ مدينة حلب.

ليس هذا وحسب بل إن وضع إيران يسوء أكثر فالإدارة الأمريكية الجديدة ستحد من توسعها في المنطقة ويبدو أنها ستخسر كل شيء، فإيران خاضعة لروسيا وأمريكا منزعجة منها، واليوم تصعد مع تركيا التي وقفت إلى جانبها أثناء فترة العقوبات والحظر النووي حين كانت الدنيا كلها ضد إيران، وتصر إيران على تناسي ذلك، كان عليها بدلا من مناوشة تركيا التعاون والتحالف معها.

ومن جهة أخرى فإن إيران تتصرف دون ذكاء وحنكة، فعندما بدأت العلاقات تتحسن بين ترامب وإيران قامت الأخيرة بتجربة إطلاق الصواريخ البالستية وكأنها "تصب الزيت فوق النار"، وتعطي ترامب فرصة أخرى لإعادة إدخال قرار حظر إيران النووي حير التنفيذ، وكل ما سبق يعني أن الدبلوماسية الإيرانية تفتقر إلى الذكاء.

ترتكب إيران الأخطاء مثل بقية الدول الأخرى، وإن أصرت على ارتكاب الأخطاء فإن توتر علاقاتها مع تركيا سيستمر، في فترة ستحتاج فيها بقوة إلى تركيا.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس