غالب دالاي – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

مع السيطرة على مدينة الباب، تكون عملية درع الفرات حققت أهدافها التي أعلنت عنها منذ البدء، إذ تم تطهير المناطق الحدودية من داعش، وتم إحباط خطط "حزب الاتحاد الديمقراطي" التي كانت تهدف إلى تشكيل منطقة موحدة تابعة للحزب قريبة من الحدود. الهدف الأول يشكّل القسم العملياتي من درع الفرات، والهدف الثاني بمثابة الهدف الاستراتيجي.

خلال المرحلة الحالية على تركيا أن تفكر بمستقبل العملية، عليها أن تقيّم خياراتها، وعليها أن تحسب مدى توافق تقييماتها مع أهدافها السياسية في سوريا، قبل كل شيء علينا أن نؤكد أنّه ليس لتركيا خيار جيد، أو خيار لا يكلّفها ماديا في سوريا.

إن النجاح الحقيقي بالنسبة إلى عملية درع الفرات سيكون لدى تحويل النجاح العسكري للقوات المسلحة التركية في سوريا، إلى نجاح سياسي، وأن تسهم في التأثير بالأهداف السياسية التي تقودها في سوريا.

إن عملية درع الفرات مؤشر إلى إصرار وإرداة سياسية لدى تركيا، واستراتيجية الخروج هي التي ستحدد الإرث الحقيقي لهذه العملية. بتعبير آخر إن استمرارية الربح الذي حققته تركيا من خلال عملية درع الفرات، واستراتيجية الخروج، لهما من الأهمية نفسها التي كانت للعملية لحظة البدء بها.

أمام عملية درع الفرات ثلاثة أمور رئيسة

الأول: بعيد عملية الباب فضلا عن التوسع الذي ستحققه تركيا جغرافيا، بإمكانها أن تتبع استراتيجية أولوية التوحيد في المناطق التي يتم تطهيرها من عناصر تنظيم داعش. وهذا النوع من الأهداف في غاية الأهمية.

إن نموذج الإدارة الفاعلة الآن يحمل أهمية وجودية فيما يخص إزالة الثغرات التي لها علاقة بالشرعية أو زيادتها لدى المعارضة، ذلك لأن نموذج الإدارة الفاعلة في الحالات التي يكون فيها حرب أهلية، أو فوضى يعد أحد أهم مصادر الشرعية إلى جانب الديمقراطية والممثلين السياسيين.

على تركيا أن تساعد المعارضة في المناطق التي تم تطهيرها من عناصر داعش، في تشكيل نموذج إدارة فاعلة، بحيث تمكنها -المعارضة- من تقليل الاعتماد على تركيا.

أما الأمر الثاني

من الممكن أن تتبع تركيا دورا فاعلا خلال عملية تطهير الرقة أيضا من عناصر تنظيم داعش، ويمكنها أن تقوم بذلك بطريقتين، الأولى: بعيد مدينة الباب أن تستمر بعملياتها العسكرية في الرقة، إذ توجد مسافة ما بين الرقة ومدينة الباب تقدّر بما يقارب 200 كيلو متر، وعلى القوات التركية السيطرة على هذه الطريق، وأمام مثل هذه السيناريو على تركيا أن ترسل أعدادا كبيرة من الجنود الأتراك إلى المنطقة.

إن هذا الخيار الذي يهدف بشكل رئيس إلى وضع حزب الاتحاد الديمقراطي خارج اللعبة، وفك نقاط التواصل بين جيزرة وكوباني يتطلب دعما من أمريكيا تشير المؤشرات إلى أنّه لن يُقدّم بسهولة.

بالإضافة إلى ما سبق ستدخل تركيا في مواجهات شرسة مع حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية إلى جانب مواجهاتها مع تنظيم داعش خلال العملية. ولكن نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية مازالت تميل إلى التعاون مع حزب الاتحاد الديمقراطي بدلا من التعاون مع المعارضة السورية التي تحظى بدعم تركي.

الأمر الثالث:

بإمكان تركيا بعد الآن أن تتخذ حزب الاتحاد الديمقراطي هدفا مباشرا لها، ومن هنا فإن "المنبج وتل رفعت / عفرين هي بحسب ما يفصح عنه المسؤولون أهداف مباشرة لتركيا. وفي مثل هذا الوضع لن تحتاج تركيا في عملية درع الفرات إلى دعم مشابه للدعم الروسي أو الأمريكي. وهناك احتمال أن تعمل هذه القوى على حفر المكايد لمثل هذه العمليات التي تقودها تركيا بدلا من دعمها.

تركيا تهدف إلى نموذج سوري يتميز بقوة مركزية وموحدة، وهذا يشكل أحد أهم الأهداف السياسية لها، وذلك من خلال قلب موازين القوى لصالح المعارضة السورية. إن استعادة النظام لقاعدة كبيرة لصالحه، وازدياد نفوذ القوى الخارجية الفاعلة في سوريا، وفقدان الأمن في كثير من المناطق السورية، كلها أمور إلى جانب أمور أخرى أدت إلى تقليص الحديث عن مرحلة انتقالية في سوريا. على الأقل هذا ما بدو خلال المرحلة القريبة القادمة.

بإمكان تركيا بُعيد تقلص الحديث عن مرحلة انتقالية أن تبحث عن هدف سياسي جديد، وهذا يتطلب منها سياسة متطورة فاعلة ضد الأكراد وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا.

كل القوى الفاعلة على الأرض السورية، بما فيها القوى السورية، والقوى الدولية، لها دور كبير في تحديد شكل مستقبل سوريا. ويبدو من المستحيل بمكان أن يبقى أحد أطراف القوى خارج اللعبة بعد الآن

عن الكاتب

غالب دالاي

مدير البحث في منتدى الشرق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس