ترك برس

هي واحدة من أصغر الولايات في تركيا، ونقطة الوصل بين إسطنبول وبورصة وأنقرة، تقع في إقليم بحر مرمرة، ولا ينتبه إليها كثيرون، حتى أن غالبية من سكانها يجدون صعوبة في العثور عليها على الخريطة ويُسمّونها “شرق الغرب”. وربّما تخدعك ندرة المحتوى الإنجليزي عن بيلاجيك (Bilecik) كمهد للحضارة عمره البشر منذ الألف الثالثة قبل الميلاد.

تتميز هذه الولاية الأصيلة، الواقعة وسط الجبال التي تُعرف بهبوب الرياح بينها، بأن التاريخ الأسطوري لتركيا بدأ منها. فهي مسقط رأس عثمان غازي مؤسس الدولة العثمانية، كما تُعد منطقة سوغوت (Soğut) فيها أول عاصمة للدولة العثمانية.

كان تأسيس الدولة العثمانية التي استمرت ستة قرون حُلمًا راود عثمان غازي في المنام. ويُقال إن عثمان غازي الذي كان عادة يزور الشيخ أديب علي - الذي يوصف بأنه المؤسس الروحي للدولة - رأى في إحدى زياراته للشيخ حلمًا، ظهر فيه نور من صدر الشيخ أديب علي ودخل إلى صدره. ثم نمت شجرة كبيرة من صدره وامتدت فروعها إلى السماء، وأحاطت جذورها بالعالم كله وألقت بظلالها على الأرض كلها. فسّر الشيخ أديب علي هذا الحلم بأنه نبأ تأسيس دولة عالمية.

في عام 1299، سيطر العثمانيون على بيلاجيك وأسس عثمان غازي الدولة العثمانية. ومذ ذلك الحين، شهدت المدينة تطورًا تحت الحكم العثماني.

وعلى الرغم من أن بيلاجيك تستقطب السياح كأول حصن يسيطر عليه العثمانيون، وموطن ضريح الشيخ أديب علي، والمساجد والصروح التذكارية الممتدة من التاريخ العثماني إلى حرب استقلال الجمهورية التركية، إلا أن هذه الولاية الأصيلة تملك الكثير لتقدمه للسياح بكنوزها الطبيعية التي لا تعد ولا تحصى. 50 في المئة من الولاية مغطىً بالأشجار، وهي مليئة بالجداول والبحيرات والغابات. حتى أن هناك طريقًا مخصصًا للدراجات الهوائية يصل بين بيلاجيك ومنطقة بيبازاري (Beypazarı) في العاصمة أنقرة استحق اسم “الدرب الأخضر”. وتُعد فرصة ركوب الدراجة الهوائية بين القرى والجبال والمناظر الخضراء على امتداد الدرب فرصة ممتازة للسياح لاستكشاف القرى الجميلة ولقاء السكان. كما أن هناك أماكن للإقامة على امتداد الدرب للسياح الراغبين بإمضاء ليلة أو أكثر لاستكشاف المنطقة.

تتوسط بيلاجيك عدة مدن كبرى مثل إسطنبول وبورصة وإسكيشهير، كما أنها مركز جذب للسياحية البيئية، خاصة مع إقبال المزيد من الناس في السنوات الأخيرة على الهرب من حياة العمل اليومية والانخراط في الطبيعة. ولذلك، تُوفر بيلاجيك فرصة ممتازة لسكان المدن الكبيرة للهرب من المدينة ليوم أو يومين. وتُعد مرتفعات كومورسو (Kömürsu) وصوفولار (Sofular) الخضراء طوال العام اثنان من أشهر المناطق المفضلة لدى محبّي البيئة من السياح في الولاية.

أدت الخصائص الجغرافية لبيلاجيك إلى مرورها بثلاث فصول في السنة، فهي تقع بين أربعة أقاليم: مرمرة، والبحر الأسود، ووسط الأناضول، وإيجة. ومع ذلك، فالمدينة تتأثر أكثر بمناخ إقليم وسط الأناضول البارد في الشتاء، حيث يصل البرد إلى ذروته ما بين كانون الأول/ ديسمبر وآذار/ مارس من كل عام.

وبعد سنوات من حرب الاستقلال، دخلت بيلاجيك عصر الجمهورية التركية بشيء من الضعف بسبب الانهيار الاجتماعي الذي تسببت به الحرب. وفي حين كانت إحدى محطات طريق الحرير قبل الحرب، فإن الولاية الآن مركز مهم لصناعتي الرخام والسيراميك.

أفضل 10 أنشطة تقوم بها في بيلاجيك

1- زيارة ضريح الشيخ أديب علي

يُعد ضريح الأب الروحي لبيلاجيك الشيخ أديب علي بناءً متواضعًا على رأس تلة صغيرة خلف الوادي الذي أنشئت فيه المدينة القديمة لبيلاجيك. بناه أورهان غازي ابن عثمان غازي، ويمكن الوصول إليه من خلال درج حجري. يصل الدرج إلى الأسفل شرقي الضريح إلى حديقة حيث دُفِنت زوجة أديب علي وابنته مال خاتون زوجة عثمان غازي.

2- تذوق شطائر “غوزلمة” (Gözleme)

يصنع المطعم في الكوخ الخشبي عند مدخل ضريح الشيخ أديب علي شطائر غوزلمة لا مثيل لها مع عدد من الحشوات التي يمكن الاختيار منها. وبعد تناول الطعام يمكنكم القيام بجولة في محل الهدايا التذكارية في القريب للاستمتاع بالجو الهادئ والمحيط الجميل.

3- شراء هدايا الخزف

تُعد بيلاجيك واحدة من مراكز إنتاج الخزف في تركيا. ولذلك تنتشر فيها محالّ بيع مصنوعات الخزف التي تصنع وتبيع هدايا تذكارية مميزة. كما يمكنكم العثور على المنتجات الخزفية قرب الممرات التاريخية من المخازن التابعة للمصانع الواقعة على امتداد الطريق المؤدي إلى وسط المدينة.

4- جولات المشي في الطبيعة

طبيعة بيلاجيك مثالية للمشي، وهي لذلك تستقطب عددًا كبيرًا من السياح المحليين من الولايات المجاورة. ويقصدها بشكل خاص سكان المدن الكبرى للاستمتاع بالطبيعة وأخذ قسط من الراحة والابتعاد عن زحام وصخب المدن. ومن أهم المناطق التي يمكن الاستمتاع فيها بالمشي في الطبيعة قرية “أبّاسليك” (Abbaslık) ومرتفعات منطقة “بوزويوك” (Bözüyük).

5- الانضمام إلى إحدى رحلات التجوال

تمر منطقة تيار “غوكسو” (Göksu) في منطقة أوسمانلي بولاية بيلاجيك بعدد من ممرات المشاة التي يقع معظمها في الغابات. ويستغرق عبوره مشيًا أربعة إلى خمسة ساعات، وتنتشر على جوانبه أشجار الصنوبر. وعلى عكس معظم ممرات المشي في الطبيعة بإقليم مرمرة، تتميز منطقة تيار غوكسو بتضاريسها الصخرية الخشنة، لتوفر منظرًا مختلفًا وسرعة مختلفة للمُشاة في كل فصل من فصول السنة.

6- رحلة سفاري بالسيارة

صعد نجم هذه الرحلات في السنوات الأخيرة، حيث يبحث عشاق المغامرة عن مزيد من التشويق والإثارة في الطبيعة الجغرافية لبيلاجيك المناسبة لمثل هذه الأنشطة.

7- التخييم

بطبيعتها المناسبة للتخييم، وموقعها الجغرافي وظروفها الجوية، أصبحت بيلاجيك مع الوقت واحدة من الخياراتالرئيسية للسياح من المدن القريبة، وخاصة من إسطنبول وبورصة وإسكيشهير للتخييم. ويمكن العثور على أشهر أماكن التخييم في منطقتي بوزويوك وبزاريري.

8- مشاهدة ضريح أرطغرل غازي

لا تكتمل زيارة بيلاجيك دون رؤية ضريح أرطغرل غازي، أبو عثمان غازي مؤسس الدولة العثمانية. ويقع في منطقة سوغوت، وعلى الرغم من أن تاريخ إنشائه ما زال مجهولًا، يُعتقد أنه بُني في القرن الثالث عشر.

9- زيارة مسجد أورهان غازي

بُني على حافة جرف صخري على بُعد 50 مترًا من ضريح الشيخ أديب علي، ويتّسع لـ365 مصليًا في آن واحد. يُعتقد أنه بُنِي في بداية القرن الرابع عشر. تم ترميم مسجد أورهان غازي في عام 1973. وخلافًا للمساجد الأخرى، بُنِيَت مئذنة المسجد على صخرة تبعد 30 مترًا عن المبنى الرئيسي للمسجد.

10- حضور مهرجانات أرطغرل غازي

تجرى سلسلة من الاحتفالات سنويًا حول الضريح منذ تسعينيات القرن التاسع عشر لإحياء ذكرى أرطغرل غازي. يُعتقد أن مجموعة من السكان من قبيلة “كراكيتشيلي” (Karakeçili) بدأت هذه المهرجانات، إلا أن أصلها ما يزال محل جدال.

تبدأ هذه المهرجانات في الأسبوع الثاني من أيلول/ سبتمبر، حيث يسير المحتفلون من مركز منطقة سوغوت إلى وسط ضريح أرطغرل غازي مرتدين ثيابهم التقليدية ثم يذبحون الخراف والأبقار. ثُم يُطهى اللحم إلى جانب الأرز مع حبوب الحمّص، ويُوزع على الحاضرين، ثم يمارس البعض رياضة المصارعة ورياضات أخرى. كما تتضمن الاحتفالات تلاوة القرآن.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!