بولاند إيرنداج – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

يمرّ الوقت بسرعة وتتعاقب الأحداث الواحد تلو الآخر. ناهيك عن عامة الشّعب، فإنّنا نحن الصّحفيون تستصعب علينا مراقبة كل ما يجري من حولنا في هذه الأيام.

فبينما ننشغل بسرد تفاصيل حادثة معيّنة ودراسة خلفياتها، حتى نجد أنّ واقعة أخرى أشدّ وطأً من الأولى حدثت في مكان أخر. فالتصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان في جامعة "بيزمي عالم" بمناسبة ذكرى عاشوراء التي يحتفل فيها الإخوة العلويون، وما تطرق إليه من مواضيع، في غاية الأهمية.

حيث قال الرئيس أردوغان حينها "أناشد الإخوة السنّة والعلويين بكل صدق وأمانة وإخلاص وأذكّرهم بأن كتابنا وعقيدتنا وجروحنا والآمنا وانتماءاتنا مشتركة. فعلينا أن لا نسمح لأجهزة الاستخبارات الأجنبيّة أن تستغلّ اختلاف المذاهب بيننا من أجل ضربنا بهذه الوسيلة".

رأينا في الآونة الأخيرة أن وسائل الإعلام الأمريكية والإنكليزية وحتى الفرنسية، زادت من وتيرة منشوراتها العدائية ضد الدولة التركية والأتراك بشكل عام. وليس من الصدفة أن تكون كل هذه الوسائل الإعلامية مدعومة من قبل اللوبي اليهودي العالمي. وفي هذه الأثناء يمارس الإعلام الألماني المدعوم من قبل اليهود بزعامة "أنجيلا ميركل" حرباً نفسية ضد تركيا، وهذا لا يخفى على أحد.

بالإضافة إلى التحريض المتعمّد في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، فإنّ الاستفزاز المتصنّع في الشّوارع وفي وسائل التواصل الاجتماعي ضدّ تركيا لم يعد يخفى علينا. فالكل بات يعلم أن هذه المنشورات العدائية تصدر من الذين يديرون الدولة الألمانية في الخفاء ومن وراء الأضواء.

والسؤال المطروح في هذا الصّدد هو التالي: ما الغاية التي تكمن وراء هذه المنشورات العدائية ضد الدولة التركية والأتراك بشكل عام؟

الجواب بكل بساطة هو الطّاقة:

فمع ازدياد أهمية تركيا من الناحية الجيوسياسية والجيوستراتيجية، فإنّها ستتحكم بخطوط إمداد أوروبا بالغاز والنفط حتى عام 2024، وسيكون ذلك تحت إشراف الرئيس أردوغان.

تحاصر تركيا الآن أوروبا من خلال مشروع خطوط النفط والغاز المشترك (ANAP) مع أذربيجان وكذلك اتفاقيّات التّفاهم مع حكومة إقليم كردستان العراق.

كما أثارت الأزمة الأوكرانية وما نتج عنها من تباعد بين روسيا وأوروبا قلق الغربيّين. فالزعيمة الألمانية ميركل تحاول السيطرة على الموارد النفطية لإقليم كردستان العراق وشرق البحر الأبيض المتوسط. إلّا أن الألمان اصطدموا بقائد صلب مثل أردوغان.

لقد أصبحت تركيا مثال الكابوس لألمانيا فيما يخصّ موضوع الغاز الطبيعي. فالألمان الآن يحاولون استغلال الاتفاق الثنائي بين قبرص اليونانية وإسرائيل للحدّ من امتداد سفينة "بارباروس" التركية التي تنقّب عن الغاز الطّبيعي في سواحل البحر الأبيض المتوسط. حيث أن الغاز الموجود في هذه المنطقة يكفي الدّول الغربية لمدة مئة عام تقريباً.

يخشى الألمان من أردوغان الذي سيظل مسيطراً على زمام الأمور في تركيا حتى عام 2019، وربّما يستمرّ لعام 2024.

تمارس ألمانيا ضغوطاً على تركيا من خلال الإخوة العلويين أيضاً. لكن الدولة التركية مدركة لكل هذه المحاولات، لاسيما أن هذا الموضوع تمّ تداوله في اجتماع الأمن القومي الذي عقد في أواخر الشهر الماضي.

بات العالم يبتعد شيئاً فشيئاً عن الحروب التقليدية باستخدام السلاح الحي. فتركيا وبحسب موقعها الجغرافي والسياسي تشغل مكاناً مرموقاً في هذه المنطقة.

تتعمّد الدّول العظمى زرع الفتن والنزاعات الطائفية في المنطقة من أجل تسهيل عملية التقسيم أو السيطرة على الموارد الطبيعية للمنطقة وإضعافها.

والخلاصة أنّ الرئيس رجب طيب أردوغان مدرك لما يحاك لتركيا من مكائد ومخطّطات من قبل الألمان ويقوم بتحذير كافة الأطراف السنّية والعلوية من مغبّة الوقوع في هذه المؤامرات الوخيمة التي تعود بالضّرر على الجميع.

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس