جلال سلمي - خاص ترك برس

أزمة البازراني السياسية المتعلقة بمدة دورته الرئاسية الحالية التي انتهت في أغسطس/ آب 2015، الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في الإقليم، واحتمال سيطرة الميليشيات الشيعية على خطوط الغاز الطبيعي والنفط الواصل بين الإقليم وباقي أنحاء العراق، وغيرها، كلها عبارة عن مخاطر يتوقع مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية "أورسام" أن تعيق خطة مد خط نقل الطاقة ما بين تركيا وإقليم شمال العراق.

طرحت الحكومة التركية على رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، عام 2014، خطة نقل موارد الطاقة التي يتم استخراجها من أراضي الإقليم عبر الأراضي التركية نحو دول الاتحاد الأوروبي. وافق بارزاني على خطة، وعلى إثر ذلك تحولت إلى اتفاقية تقضي بنقل طاقة الإقليم عبر تركيا لمدة 50 عامًا. لكن الحديث عن احتمال تعرض هذا الخط للعديد من العراقيل على الصعيدين الداخلي والخارجي غدا هو الشغل الشاغل للسلطات التركية والكردستانية العراقية على حدٍ سواء.

وفي إطار سعيه لتسليط الضوء على تلك التهديدات، يُشير الباحث العراقي في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية التركي"أورسام"، عثمان علي، إلى أن التوتر التنافسي السياسي المحتدم القائم بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحزب الحاكم في شمال العراق، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب المعارض والمحالف لإيران، بات على درجةٍ عالية من الاشتعال الذي قد يتحول إلى مواجهات عسكرية مشابهة لأحداث الحرب الداخلية الناشبة بين الطرفين عام 1996 في كل وقت، وهذا ما قد يُعيق استمرار تدفق خطوط الطاقة في حال تم مدها وفقًا "لعلي".

وعلى صعيدٍ آخر، يكشف "علي" النقاب عن وجود تنافس بين الميليشيات الشيعية وقوات البيشمركة حول نفط كركوك، وبعض مصادر الطاقة الأخرى، وإن لم يظهر هذا التنافس للسطح حتى يومنا هذا، نظرًا لانشغال الطرفين بطرد قوات "داعش"، فإنه سيطفو على السطح وسيتحول إلى معارك شديدة بين الطرفين عاجلًا أم آجلاً.  

أيضًا، يؤكد الخبير وجود سعي إيراني ملحوظ لزج الإقليم في حربٍ كردية ـ كردية يكون الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني أطرافها، مضيفًا أنه بالابتعاد عن اتهام الحكومة العراقية المركزية بالتبعية الكاملة للحكومة الإيرانية، تصر الحكومة العراقية المركزية، بصرف النظر عن هوية الحزب الحاكم، على إبقاء كردستان العراق كإقليم مستقل إداريًا، إلا أنه خاضع للحكومة المركزية سياسيًا واقتصاديًا، للحفاظ على وحدة العراق التاريخية.

وعن التوتر الذي ظهر بين المكونين الكردي والتركماني في مدينة "كركوك"، ينوّه "علي" إلى أن إغفال اليد الإيرانية في هذا الحدث، موضحةً أن إيران، على الأرجح، تسعى إلى توسيع نطاق هيمنتها على مصادر الطاقة في العراق، ومنع تركيا من السيطرة عليها، عبر تشديد سيطرة القوات الكردية الموالية لها عليها، وما الاتفاقية المبرمة بينها وبين الحكومة المركزية في 22 فبراير/ شباط 2017، لنقل نفط "كركوك" عبر أراضيها، إلا دليل دامغ على سعيها لترسيخ سيطرتها الميدانية إلى جانب سيطرتها السياسية، دفعت القوات الكردية للقيام بهذا التحرك، لا سيما وأن القوات العراقية منهمكة اليوم في عملية تحرير "الموصل"، وكان من الصعب أن تفي بالرغبة الإيرانية في إحراز ذلك.

وفي سياق متصل، يؤكد "علي" أنه لا بد من الإشارة إلى الخلل الأمني الصارخ الذي يشهده الإقليم منذ عام 1991، فالإقليم منذ استقلاله وهو يعيش على وقع القلاقل الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ومن الصعب التنبؤ بحلول الاستقرار الذي يحول الإقليم من أرض ساخنة إلى مرتع آمن لمد مثل هذا النوع من الخطوط لا في المستقبل القريب ولا البعيد.

بعد انهيار الأمن بشكل بارز في العراق، بات من الواضح أن الأراضي العراقية، بما فيها إقليم شمال العراق، لم تعد ملائمة للاستثمارات الاقتصادية التي تبصر الحياة وتواصل التقاط نفسها بفعل الاستقرار السياسي والأمني الذي يفقده العراق في كافة أنحائه.

وإلى جانب ادعاء "علي"، كخبير استراتيجي، أن المؤشرات في المشهد تبيّن أن إيران هي المحرك الأساسي للمؤامرات المحاكة والمنفذة ضد خطوط الغاز، يسع المواطن العادي توقع ذلك، لا سيما في ظل وجود اتفاقيات اقتصادية موقعة بين العراق وإيران، ينص بعضها على نقل الغاز الطبيعي الإيراني عبر العراق نحو سوريا، وأخرى تقضي بنقل إيران للغاز العراقي نحو الصين عبر دول وسط آسيا المتاخمة لها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!