جلال سلمي - خاص ترك برس

قال الأستاذ الأكاديمي التركي وهاب جوشكون إن التطورات الحالية لا توفر الظروف المواتية لإتمام عملية سلام جديدة بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني، إلا أن الأيام المقبلة كفيلة بتوفير تلك الظروف التي تحتاج إلى قرار سياسي حازم يمكن أن يظهر للسطح بعد الاستفتاء الشعبي المزمع إجراؤه في 16 أبريل/ نيسان.

ومع انشغال تركيا بمحاربة "داعش"، ومن ثم وحدات الحماية الكردية التي تشكل خطرًا استراتيجيًا على الأمن القومي التركي، عبر هدفها الرامي إلى تأسيس "حزام كردي" على طول الحدود التركية السورية، شحت أروقة الحكومة التركية بنقاشات متعلقة بإعادة عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني إلى الحياة من جديد، كما ابتعدت الصحف التركية عن تسليط الضوء على هذا الموضوع.

وفي ضوء الحديث عن توقعات عودة هذه العملية ما بد استفتاء 16 أبريل/ نيسان، أوضح وهاب جوشكون، الأكاديمي في قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة دجلة الواقعة بمدينة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية، أن الهدف الأساسي لتحرك الحكومة التركية في الوقت الحالي، هو القضاء على "داعش"، بالإضافة إلى رصد الخطط المتعلقة بملف التقسيمات الجغرافية السياسية الجارية في سوريا.

وأشار في حديثه مع موقع الجزيرة باللغة التركية إلى أن تركيا لم تعد ترى أنها قادرة على إسقاط نظام الأسد، لذا لا بد لها من مسايرة القوى الكبرى التي ترمي إلى إبقاء سوريا موحدة تحت حكم نظام مركزي، ولعل هذا النظام يشكل ضامنًا أساسيًا للمصلحة التركية التي تتحقق من خلال الحيلولة دون تأسيس كيان كردي مستقل سياسيًا، لذا لا بد لتركيا من النظر إلى المشاريع التي تعرضها روسيا والولايات المتحدة، وإبداء الملاحظات عليها من خلال التحركات الميدانية والسياسية التي تشكل قوة ضغط فعالة، وبتلك السياسة تستطيع الحكومة التركية توجيه بعض تركيزها نحو الشأن الداخلي.

صورة من لقاء جوشكون مع الصحفية في موقع الجزيرة الترك، غونجا شيناي، المصدر: الجزيرة ترك

وبيّن جوشكون أن هناك احتمالين يمكن أن تتبعهما تركيا بعد 16 أبريل/ نيسان لتهدئة الأوضاع الداخلية؛ الاحتمال الأول: بعد تحرير الرقة تتجه العشائر العربية أو بعض قوات المعارضة السورية التابعة للجيش الحر لإدارة المناطق المحررة، وبذلك يمكن أن تتجه تركيا لإعادة الحديث مع حزب الاتحاد الديمقراطي لإقناعه عبر التأكيد له أن تركيا قد تفتح ممرًا اقتصاديًا له، وقد تقبل بإدارته الذاتية للإقليم، أن يميل إلى التعاون مع تركيا، وبذلك تحرز الأخيرة نوعًا من التوازن مع القوى الفاعلة الأخرى في سوريا، وفي حال تم التوافق النسبي بين تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي، قد تعكس هذه العملية الأجواء الإيجابية إلى داخل تركيا، فتتم عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني. وهذا السيناريو يضمن لتركيا عدم اتجاه القوات الكردية نحو التصعيد.

 الاحتمال الثاني: رفع تركيا وتيرة التصعيد ضد حزب الاتحاد الديمقراطي، الأمر الذي قد يدفع الأخير نحو رفع مستوى التنسيق مع القوى الأخرى مع سماحه لحزب العمال الكردستاني ببناء قواعد تدريبية قريبة من الحدود التركية، وذلك السيناريو يحمل الكثير من النتائج السلبية ضد تركيا.

القرار السياسي الحازم يمثل أهمية كبرى لبدء عملية السلام من جديد، لكن لا يمكن الاتجاه نحو وضع تصور يكمل عملية السلام التي تمت خلال عام 2013، فوفقاً لجوشكون، فإن الشروط والتحولات الداخلية والإقليمية تغيرت كثيرًا، وبذلك أصبحت عملية السلام بحاجة إلى قاعدة سياسية وقانونية جديدة.

وبحسب جوشكون، فإن العملية الجديدة يجب أن تتم من خلال العشائر الكردية وحزب العمال الكردستاني، وليس من خلال حزب العمال الكردستاني فقط، فانضمام العشائر الكردية إلى العملية يشكل عنصر ضغط قوي على حزب العمال الكردستاني للاستمرار في عملية السلام دون الانسحاب منها. ولا شك في أن استمرار عملية التأهيل الاجتماعي والاقتصادي للمناطق ذات الكثافة الكردية تحمل أهمية كبير في اتمام العملية بنجاح.

وقد بدأت عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني في نهاية عام 2012، حيث أعلن حينها رئيس الوزراء التركي السابق، رجب طيب أردوغان، الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية التركية في وقتنا الحالي، وجود مفاوضات بين الاستخبارات التركية وحزب العمال الكردستاني حول إمكانية إرساء عملية سلام توفر أجواءً إيجابية لحل الأزمة الكردية في تركيا بالكامل، وفي أوائل مايو/ آيار من عام 2013، تم الإعلان عن توقيع اتفاقية "عملية الحل" بين الطرفين.

وقد ظلت عملية السلام سارية حتى يوليو/ تموز 2015، حيث تم تقوّيضها من قبل حزب العمال الكردستاني الذي أقدم على اغتيال بعض الجنود الأتراك

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!