أردان زنتورك - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

يبدو أن الأيدي غُسلت وتطهرت، والضمائر ارتاحت مع 59 صاروخ توماهوك أطلقتها الولايات المتحدة من سفنها الحربية في البحر المتوسط.. بإمكان بشار متابعة قتل المسلمين..

ينبغي أن نعلم أن البنتاغون، إذا اكتشف ذات يوم علاقة أو معرفة روسيا بالمجزرة الكيميائية في إدلب، فلن يعلنها، بل سيحتفظ بها ورقة هامة ضد بوتين.

نعيش في عالم قذر، وندور في دوامة من الأكاذيب والمصالح الفظيعة.

حقيقة واضحة: كانت جميع أقنية الاتصال مفتوحة بين واشنطن وموسكو يوم الأربعاء الماضي. نقل ترامب إلى بوتين رغبته بالقيام بعملية عسكرية بحجة الهجوم الكيميائي. استمرت المساومات 24 ساعة، وبنتيجتها توافق الطرفان على أن تكون الضربة محدودة بحيث لا تزعزع سلطة بشار، وأن تلتزم روسيا الصمت على الصعيد العسكري. أما التوتر الأمريكي الروسي عقب الضربة فاحتمال كبير أنه مجرد نزاع شكلي...

تنفس ترامب الصعداء بعد فترة حرجة على صعيد السياسة الداخلية بسبب "علاقاته مع روسيا"، إذ أصبح "قائدًا للجيش"، ثم "رئيسًا" في النهاية. لم يتغير شيء، في الواقع فبشار سيبقى في دمشق حتى تاريخ انتهاء صلاحيته، وسيواصل جيش البعث وحزب الله والطائرات الحربية الأمريكية والروسية قتل المسلمين في سوريا والعراق. ولا داعي للسرور ووضع استراتيجيات تضج بالآمال المستقبلية لأن أمريكا ضربت الأسد متأخرة ستة أعوام.. علينا أن ننظر في شأننا فأولوية تركيا مختلفة..

النتيجة الوحيدة التي يمكن أن تخلص إليها تركيا من كل هذه الفوضى هي إقامة "منطقة آمنة"، في ظل استراتيجية قومية. سعي إسرائيل لمنطقة آمنة ضد حزب الله وإيران عقب مجزرة الكيميائي بإدلب خفف عن أنقرة نوعًا ما. يمكن لتركيا أن ترتاح أكثر ضمن حدودها عبر تواصل سليم مع السيناتورين جون ماكين وليندسي غراهام، اللذين كان لهما تأثير كبير على ترامب في العملية الأخيرة، هذا كل ما في الأمر.

لا يمكننا التحول عن الهدفين الرئيسيين لاستراتيجيتنا القومية، وهما: أولا استمرار مكافحة داعش بلا توقف، وثانيًا منع الأمر الواقع الذي يسعى تحالف أمريكا- حزب العمال الكردستاني لفرضه في شمال سوريا.

ينبغي ألا ننخدع بالصراع المزعوم بشأن المسلمين الأبرياء بين قوتين عسكريتين كبيرتين في منطقة امتزجت بها الأكاذيب بالدماء، فقضيتنا كبيرة ومختلفة، علينا التقدم على "مسارنا القومي".

البراميل المتفجرة هي سلاح كيميائي، وكذلك القنابل الفوسفورية الملقاة على المناطق السكنية. جميع الأسلحة التقليدية الحديثة التي اختبرتها الدول الكبرى في العراق وسوريا أقوى من الغاز الكيميائي المستخدم. إذا كان السلاح الكيميائي خطًّا أحمرًا، أين كان العالم عندما قتل داعش ألفي تركماني بالأسلحة الكيميائية في الموصل (2014)؟

نعيش في عالم قُتل فيه 15 مليون مسلمًا منذ عام 2003 في أفغانستان واليمن والعراق وسوريا وليبيا، فلا معنى لأن نرفع سقف آمالنا المستقبلية بسبب إلقاء أمريكا بعض الصواريخ على بشار.

ما يعنينا من إدارة ترامب هو إلغاء الاحتلال في منبج، وتطهير سنجار، وإزالة الكانتونات المقامة تحت العلم الأمريكي وتسليم فتح الله غولن.. أما إدارة بوتين فننتظر منها أن تتخلى عن إخضاع روسيا الكبيرة لـ "هتلر صغير"، وأن تتعقل وتصغي إلينا حتى تخرج من هذه الحال التي أوقعت روسيا فيها.

نأتي إلى حلفائنا (!) في الناتو فنقول إنه لا نية لدينا أبدًا للدخول في مغامرة عسكرية تمت صياغتها في غيابنا بشأن أوكرانيا والبلطيق، وإذا كانوا أوصدوا أبواب أوروبا في وجهنا، فيمكنهم أيضًا حماية أمنها بأنفسهم.

هذه هي الأرضية التي نسير عليها...

عن الكاتب

أردان زنتورك

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس