ترك برس

استعرض الخبير الإيراني في الشأن التركي محمد علي دستَمالي، تقييما حول أبعاد العلاقة بين تركيا وحكومة الإقليم الكردية في شمال العراق، ودلالات صمت حكومة أربيل إزاء مقتل عدد من قوات البيشمركة في الغارات التركية الأخيرة ضد منظمة "حزب العمال الكردستاني" (بي كي كي) الإرهابية في جبل سنجار.

ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن دستَمالي، أن الغارات الجوية التركية على مواقع حزب العمال الكردستاني في سنجار لم تكن حدثا عجيبَا وغيرُ متوقع، كان يتوقع منذ مدة أن لا تدخل تركيا مناطق الأكراد الأزيديّين برًا بل أن تستهدفهم عن طريق الجو.

وأضاف دستَمالي: "لكن هذه النقطة لم تكن متوقعة ألا وهي أن ترتكب القوات الجوية التركية خطأ كبيرا في الرصد والاستهداف وأن تستهدف وحدات للبيشمَركة التابعة لمسعود بارزاني بدلا من استهداف قوات حزب العمال الكردستاني".

وأوضح أنه "قتل في هذه الحادثة 6 من قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، وكانت خاتمة العمل الذي قامت به تركيا هو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي اكتفيا في اتصال هاتفي بالإعراب عن أسفِهما لا غير"

واعتبر أن اللافت هنا هو أن رئيس وزراء إقليم كردستان العراق "نيجيرفان بارزاني" زار تركيا للمشاركة في اجتماع اتلانتيك عقب حادثة سنجار ومقتل 6 من قوات البيشمركة بيومين فقط، ونشرت بعض وسائل الاعلام الكردية صورة فيها "نيجيرفان بارزاني" و"جون باس" السفير الأمريكي في تركيا و"قدير طوب باش" عمدة إسطنبول أمام مدخل الفندق الذي أقيم فيه الاجتماع المذكور وكان أردوغان يتوجه نحوَهم لاستقبالهم.

وتابع: "عقب هذه الحادثة، اختار مسعود البارزاني الصمت، فهو لم يبدي موقفا شخصيا ولم يطلب من تركيا التوضيح، ولم يتخذ باقي قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني موقفا صلبا أيضا، وبعبارة واضحة، إن الجميع فهم أنه من الأفضل لهم الصمت من أجل الحفاظ على العلاقة مع تركيا"، على حد تعبيره.

وأردف: هذا في الوقت الذي شاهدنا فيه منذ عدة أشهر مواقف صلبة من قبل قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن الضربات المدفعيّة الإيرانية على "إرهابيين مسلحين" متواجدين في إقليم كردستان العراق، إذن يمكننا القول إن العلاقة مع تركيا ليست قيمة واستراتيجية لإقليم كردستان العراق ولاسيما الحزب الديمقراطي ومسعود بارزاني فحسب بل نوعها وماهيتها بشكل ينبغي فيه قبول بعض التكاليف في سبيل الحفاظ على تعزيز العلاقة بينهما.

ونوه الخبير بالشأن التركي إلى أن تركيا حوّلت أربيل الى قناة سياسية وممرا اقتصاديا مهم جدا وحيوي وهذه القضية قد أثرت إلى حد كبير ليس على العلاقات الثنائية بين أنقرة وأربيل فحسب بل على أداء الحزب الديمقراطي حيال بغداد وقضايا أخرى أيضا.

وأشار دستَمالي إلى أن أحد الأبعاد الهامّة لعلاقة أربيل وأنقرة هو ملف سوريا ورؤية تركيا الخاصة حيال المعارضين السوريين، وخلافا لبعض التحليلات المعروفة أن أردوغان ليس لديه مشكلة في ملف تركيا مع الأكراد كما أن تعاظم قدرة الأكراد واحتمال تشكيل إقليم جديد لا يقلق أردوغان بل قلقه حيال خطاب حزب العمال الكردستاني وقوته على طول الحدود البالغة 900 كيلومتر بين تركيا وسوريا فقط.

وأضاف: "نعلم أن تركيا خلال السنوات الأخيرة كان لها توجهين خاصين حول الأكراد السوريين خلال جميع مفاوضات جنيف وحتى اجتماعات آستانة؛ الأول: ممارسة الضغط على أمريكا وروسيا والباقين وإقناعهم بعدم دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ورفقاء صالح مسلم الى المفاوضات، والثاني: إشراك المعارضين السوريين الأكراد مرتبط بـ"بارزاني" أو "المجلس الوطني لأكراد سوريا".

وتابع: "بناء على ذلك، إن بارزاني يأمل في أن يسمح لأكرَاد المجلس الوطني بالمشاركة في المعادلات المستقبلية في سوريا وفي مناطق الأكراد في سوريا وذلك من خلال هذا الصمت والتحمل حيال تركيا".

واختتم محمد علي دستَمالي بالقول: "ليس من الانصاف عدم الاشارة الى هذه النقطة الهامة وهي أن البارزاني وباقي قادة الحزب الديمقراطي لجأوا مسبقا إلى الطرق السلمية والاحتجاج الشفهي من أجل خروج حزب العمال الكردستاني من سنجار، لكن حزب العمال الكردستاني أصر على البقاء.

ولكن على أية حال، إن اعتداء تركيا تم دون التنسيق مع العراق، إن هذه الحقيقة تثبت أن أربيل ترضى بغية الحفاظ على العلاقة مع تركيا بدفع نفقات باهظة وتداعي الذكريات المريرة للنزاع بين الأكراد، وهذه القضية من شأنها أن تفرض نفقات باهظة على البارزاني مستقبلاً".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!