ترك برس

رأى محللون سياسيون روس أن مذكرة مناطق وقف التصعيد التي وقعها ممثلو الدول الضامنة الثلاثة لاتفاق الهدنة لن تنهي الحرب في سوريا، وأن تقسيم المناطق بين الحكومة والمعارضة يعني بحكم الأمر الواقع تقسيما معززا لسوريا، وأن سوريا لن تعود دولة موحدة إلا في المستقبل البعيد.

ويعتقد سيرغي بالماسوف، الباحث والخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي، أن الحكومة السورية والمعارضة لن توافقا على المبادرة عمليا وستبذلان كل ما في وسعهما لتقويضها. وقال بلماسوف في تقرير نشره موقع روسيا وراء العناوين أن "فكرة إقامة مناطق آمنة قد نوقشت منذ عدة سنوات، بيد أنها لم تحل النزاع، وإن أي اتفاق حتى لو تم دعمه على الورق سوف ينتهك".

ورأى الباحث الروسي أن "الحرب الأهلية ما تزال في مرحلة لا يكون فيها أي من الجانبين مستعدا للتوصل إلى حل توفيقي."

ويعتقد ليونيد إيزاييف، الأستاذ في  قسم العلوم السياسية في المدرسة العليا للاقتصاد أنه إذا كان ضغط الوسيط الثلاثي قويا ومدعوما من واشنطن ودول الخليج العربي، فإن القوى الخارجية سوف تكون قادرة على فرض حلها على دمشق والمعارضة.

وقال إيزاباييف: "يتفق اللاعبون الخارجيون على هذه الصفقة، وعلى قواعد اللعبة هذه، بينما استبعد منها السوريون ولم تناقش معهم، وهذا يمكن فهمه، حيث لم يتمكن السوريون من التوصل إلى اتفاق لسنوات عديدة. ولهذا السبب سيتعين عليهم الآن الاتفاق على ما يقترحه الآخرون."

وينص الاتفاق على إمكانية إرسال قوات أجنبية إلى سوريا لمراقبة خطوط التماس. ولا تحدد الوثيقة مكان وصول الوحدات. لكن مدير مركز الدراسات الإسلامية في معهد التنمية الابتكارية، كيريل سيمينوف، رأى في في مقابلة مع  صحيفة "سفوبودنايا بريسا" أنه يمكن أن يكون هناك دور "للاعبين دوليين محايدين، مثل ماليزيا وإندونيسيا ودول المغرب العربي."

وقال سيمينوف إن التدابير التي تفرض الهدنة يجب أن تكون صارمة، وأن تُطبق لا على المعارضة فقط ولكن أيضا على  القوات الحكومية. وعندها فقط يكون النجاح ممكنا.

ويقول الوفد الروسي إن الأعمال القتالية فى المناطق المشار إليها فى الوثيقة سوف تتوقف يوم 6 أيار/ مايو، وما تزال هناك حاجة إلى الاتفاق على حدود مناطق التصعيد. ولكن إذا تم تنفيذ المشروع، ستقسم البلاد بين مناطق سيطرة للحكومة والمعارضة تفصل بينهما قوات حفظ سلام.

وتنص المذكرة على إعلان "محافظة إدلب، وأجزاء من محافظات اللاذقية وحلب وحماة وحمص ودمشق/الغوطة الشرقية، ودرعا والقنيطرة" مناطق "وقف تصعيد"، تمتنع الأطراف المتحاربة فيها عن القتال، ويعلّق طيران النظام السوري طلعاته الجوية فوقها. ويبدأ تطبيق الاتفاق الجديد يوم السبت المقبل، ولمدة 6 أشهر كإجراء مؤقت، يتم تمديده تلقائيًا في حال نجاحه، وموافقة الدول الموقعة عليه لتمديده.

وستشهد المناطق المشمولة باتفاق "وقف التصعيد" إنشاء "قطاعات آمنة" عند حدودها، لتجنّب أي مواجهات عسكرية بين الأطراف. ومن المتوقع، بحسب وكالات أنباء "روسية"، أن تستمر عملية ترسيم حدود المناطق التي يشملها الاتفاق نحو أسبوعين.

يقول سيرغي بالماسوف "هذا يعني بحكم الأمر الواقع تقسيما معززا لسوريا، لأن سوريا لم تكن موحدة منذ عدة سنوات. ويضيف أن "أيا من طرفي الحرب الأهلية ليست لديه أي أوهام حول التعايش السلمي ومشاركته في المحادثات في جنيف وأستانا هي مجرد واجهة."

ويوافق ليونيد إيزاييف جزئيا على أن "سوريا كدولة موجودة فقط على خرائط غوغل، وفي دروس الجغرافيا، وعلى لوحة كرسي الأمم المتحدة، ولكن الأمر الواقع يقول إن البلد قد انهار".

وفي الوقت نفسه يرى إيزاييف أنه من غير المحتمل أن تفكر القوى المعارضة للنظام، سواء كانت معارضة أو أكراد، في إنشاء دول مستقلة. وسيكون هذا الأمر إشكاليا للغاية. ويقول: "ستكون هذه الدول فاشلة سلفا، ولا تملك الموارد اللازمة للوجود المستقل." ويعتقد أن هذا يخلق إمكانية استعادة سوريا نفسها كدولة، ولكن في وقت غير معروف في المستقبل البعيد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!