محمود القاعود - خاص ترك برس

انتظرت أمريكا بضعة أيام عقب موافقة الشعب التركي على التعديلات الدستورية في 16 نيسان/ أبريل، وتابعت محاولات تركيا الحثيثة للخروج من ربقة الصليبية العالمية، فكان أن قامت أمريكا بتسريع وتيرة مخطط إسقاط تركيا.

ولذلك لم يكن من المفاجئ هذا القرار الذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء 9 أيار/ مايو 2017م ويقضي بتسليح وتمويل عصابات الإجرام الإرهابية التي تُسمى "وحدات حماية الشعب الكردي" والتشكيل العصابي الدموي المسمى "قوات سوريا الديمقراطية".

هذه العصابات الكردية الموالية لإسرائيل، هي اليد الأمريكية التي تريد البطش بالجمهورية التركية، وتقسيمها وبث الفتنة في ربوعها.

كانت أنقرة تأمل أن يتغير الموقف الأمريكي مع مجيء دونالد ترامب إلى سدة الحكم، لكن كل هذه رهانات خاسرة، ذلك أن القرار الأمريكي، صنيعة العديد من اللوبيات الصهيونية الصليبية التي ترى بوجوب تدمير الشرق الأوسط ومعه المسلمون الذين يعيشون فيه، واحتلال بلادهم وتقسيمها.

القرار الأمريكي، جاء بمثابة الاعتراف المبكر بدولة "كردستان سوريا" المجاورة لتركيا.. يبقى فقط سيطرة الميليشيات الكردية علي الرقة للإعلان الرسمي للدولة الكردية..

تخلل القرار الأمريكي عينة من الكوميديا السوداء من قبيل أن التسليح للعرب الأكراد..! وأن أمريكا ستزيل مخاوف تركيا من القرار!

أمريكا علمت علم اليقين أن يدها داخل الجيش التركي قد تم بترها عقب الانقلاب الخسيس في 15 تموز/ يوليو 2016م.. كما أن تركيا عدّلت الدستور الذي كبّل تركيا على مدار عقود ومنعها من النهوض، ومنح رئيس الدولة صلاحيات تجعله يتخذ قرارات لصالح تركيا والأمة بأسرها، فكان الانتقال الأمريكي إلى الخطة الرديفة بعد فشل محاولة الانقلاب والعمليات الإرهابية.. وهي خطة إقامة كيان كردي علي حدود تركيا.. يستنزفها ويؤلب الداخل التركي ضد الحكومة.

قلت من قبل.. أن الخيارات التركية في وجه هذه المؤامرة الصارخة صارت محدودة.. لا سيما مع التحالف الأمريكي الأوروبي ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.. لكن أهم الخيارات التركية على الإطلاق هو استهداف بشار الأسد واخفاؤه من المشهد السوري برمته.. إن تمكنت تركيا من هذا الأمر ستقلب الطاولة تماما.. وستكون أمريكا في وضعية الدفاع لا الهجوم كما هو حادث الآن.

صناع القرار في تركيا لديهم من الخبرة ما يجعلهم يعرفون طريقة استهداف بشار الأسد وأركان حكمه ومقرات الإذاعة والتلفزيون.. بضعة دقائق كفيلة بفتح دمشق وتحريرها من عصابة بشار..

المراهنة على أمريكا أو روسيا لا جدوى منها على الإطلاق.. والدخول في صراعات مع داعش لن يجلب إلا مزيدا من الدماء.. لا سيما مع عقلية تري في الموت حياة.

مشكلة سوريا المستمرة علي مدار نصف قرن هي تلك العصابة النصيرية الدموية المجرمة التي تحكم بالحديد والنار وتسببت في كل هذا الخراب والقتل والدمار..

أمريكا الآن بكل وضوح تُعلن معاقبة أردوغان من خلال الأكراد.. فهل يفعلها أردوغان ويعاقب أمريكا باستهداف بشار؟

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس