ترك برس

استعرض مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، أربعة سيناريوهات لمعركة السيطرة على مدينة الرقة السورية الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة "داعش"، في ظل الخلافات الراهنة بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية حول الجهة التي ستشارك في السيطرة على المدينة.

ووفقًا للدراسة التي حملت عنوان "داعش" والفراغ الاستراتيجي... مأزق توزيع الأدوار "الرقة نموذجاً"، فإن السيناريو الأول هو:

استمرار الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتماد على قوات سورية الديموقراطية وحدها (تشكل وحدات حماية الشعب YPG عمادها الرئيس)، وتفعيل دور الفصائل العربية المنخرطة في صفوف تلك القوات بشكل حقيقي، وليس ديكورياً كما يحدث الآن، لتكون معادل قوة "حزب الاتحاد الديمقراطي PYD (ذراع حزب العمال الكردستاني)" داخل قوات سوريا الديمقراطية، ومن ثم تسليم الرقة لمجلس محلي يمثل كل المكونات وهو ما يجري الإعداد له حالياً.

وما يدعم احتمالية هذا الخيار هو زيادة عدد القوات الأمريكية في سوريا، ووضع ألف جندي أمريكي في الكويت كاحتياط للمشاركة في المعارك الدائرة مع التنظيم في سوريا والعراق، بالإضافة إلى منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للجيش صلاحية تحديد مستويات القوات في العراق وسوريا.

وفي ظل هذا السيناريو قد تتمكن الولايات المتحدة من إنجاز معركة الرقة، ولكن بجهد كبير وانخراط مباشر وفترة زمنية طويلة، وستبقى الإشكالات السياسية عالقة، وخصوصاً مع تركيا، لتُرحّل ذات الإشكاليات إلى معركة ما بعد الرقة.

وفي ظل إصرار تركيا وجديتها في منع سيطرة "سوريا الديمقراطية" على مزيد من الأراضي، وتقطيع أوصال المناطق التي بحوزتها، فقد يؤدي تأزم الموقف مع الولايات المتحدة؛ إلى أن يكون المخرج الوحيد لهذا السيناريو هو مخرج منبج، وهو ما تطمح إليه موسكو أي استغلال الخلافات الأمريكية التركية لطرح مشاركة قوات النظام في المعركة.

السيناريو الثاني

التعاون الأمريكي التركي واستبعاد الأكراد؛ وذلك وفق الخطتين التركيتين، إما الدخول إلى الرقة من تل أبيض وإِفساح قوات سوريا الديمقراطية ممراً للقوات التركية بعرض 25كم، وهذا معناه خسارة الـ PYD لتل أبيض وقطع الاتصال بين القامشلي وعين العرب (كوباني) وهو أمر شبه مستحيل، أو الدخول من الباب وهذا يعني إما الصدام مع قوات النظام أو التنسيق معها.

ولا يبدو إلى الآن أن الاستغناء الكامل عن قوات سوريا الديمقراطية وارد في احتمالات الإدارة الأمريكية، كما أن الخيار بمشاركة قوات عربية مدعومة من تركيا إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية هو أمر غير وارد أيضاً، وهو مرفوض من تركيا ومن سوريا الديمقراطية، فالمعركة بالنسبة لتركيا لا تقبل القسمة على اثنين وبخاصة مع الكرد .

السيناريو الثالث

التوصل إلى اتفاق أمريكي روسي حول صيغة الحل في سوريا، يترتب عليه تحييد تركيا ومشاركة قوات النظام إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، وهو أمر لا ترفضه الأخيرة، وما يعزز هذا الاحتمال هو سعي النظام المحموم للتقدم في ريف حلب الشرقي للوصول إلى الحدود الإدارية لمحافظة الرقة (محور خناصر الرقة)، وتعزيز وجوده في "أثريا" على طريق مدينة الطبقة، بالإضافة إلى تواجده في تدمر والتي تمثل نقطة في البادية على طريق تدمر الرقة، وهو ما يحاول تَعزيزه للسّيطرة على نقاط أكبر في البادية عبر مهاجمة مناطق سيطرة "أسود الشرقية" في الأيام الماضية.

يضاف لذلك النقاط العسكرية التي يمتلكها النظام في دير الزور وبخاصة في الريف الغربي المتصل مع الرقة، أو مطَار دير الزور العسكري في الريف الشرقي للمحافظة والذي ينتهي بالحدود السورية العراقية، الأمر الذي يفرض عسكرياً على التحالف الدولي التعاون مع قوات النظام إن لم يكن في معركة الرقة فسيكون في معارك ما بعد الرقة .

السيناريو الرابع

قد يشكل اجتماع أستانة الأخير، وما تمخض عنه من توافق حول إقامة أربع "مناطق منخفضة التوتر"؛ مقدمة لسينَاريو رابع يقوم على فتح الولايات المتحدة الأمريكية المجال لمشاركة جميع الأطراف في معركة الرقة وما بعدها، عبر محاور يتم توزيعها بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام والمعارضة المدعومة من تركيا.

حيث تقوم القوات الأمريكية والروسية بتنسيقِ الأدوار بين القوى المنخرطة في المعركة بشكل يضمن فاعليتها، ويمنع الاحتكاك أو الاشتباك بينها، وما يدعم فرضية هذا السيناريو، هو التوافق على خطة المناطق منخفضة التوتر، والذي يشمل هدنة بين قوات النظام والمعارضة وتثبيت لمناطق النفوذ بشكل يسمح للطرفين بتركيز جهودهم لحرب تنظيم الدولة.

كما أن رعاية تركيا وروسيا لهذا الاتفاق والمناخ الإيجابي للقاء الذي جمع الرئيسين التركي والروسي قبل الاتفاق، يحمل دلالات على وجود تفاهمات مرضية لتركيا حول معركة الرقة، كما أن الموقف الأمريكي المرحب بالاتفاق يحمل إشارة لاحتمال تفاهم ثلاثي حول المعركة، خصوصاً وأن روسيا أعادت العمل باتفاق التنسيق الجوي مع الولايات المتحدة في سوريا، والذي كانت جمّدته بعد ضرب الأخيرة لمَطار الشعيرات، ولكن يبدو أن ملامح هذا التفاهم الثلاثي ستتضح بشكل أكبر بعد اللقاء بين الرئيس التركي ونظيره الأمريكي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!