سامي كوهن – صحيفة ملليت- ترجمة وتحرير ترك برس

بينما تحتضن تركيا لما يقارب المليون وستمئة ألف لاجئٍ سوري، يبدوا وكأنّ هذا الرّقم قابل للزّيادة بحسب ما يرد من أنباء حول قرب سقوط مدينة حلب التي يعيش فيها قرابة المليونين بيد قوات النّظام السوري، والذي من المحتمل أن يولّد موجة نزوحٍ جديدة إلى دول الجوار وخاصّةً إلى تركيا.

حيث تفيد الأنباء الواردة من هذه المدينة بتقدّم قوات النظام السوري وتراجع الجيش السوري الحر شيئاً فشيئاً.

وأمام هذا الوضع الحرج، فإنّ بعض الوزراء والمسؤولين في أنقرة قد صرّحوا علانيةً بأنّ هذا الوضع سوف يؤثّر على تركيا من خلال موجة نزوح كبيرة من المتوقع حدوثها في حال سقوط المدينة بيد قوات النّظام السوري. حيث أعلنوا أن هناك ما يزيد على المليوني نازح سيقصدون الاراضي التركي.

وإذا ما حصل المتوقّع. ماذا ستفعل أنقرة حيال الوضع الجديد؟

تقوم الحكومة التركية بدراسة كافة الاحتمالات. فالحكومة تسعى منذ فترة إلى إنشاء مناطق آمنة داخل الأراضي السورية من أجل حماية النازحين في تلك المناطق القريبة من الحدود التركية وإعادتهم إلى مناطقهم التي تركوها بعد إنتهاء الأزمة السورية.

فهذا الخيار يبدوا جيداً، لكنّه مازال على الورق ولم يتم تنفيذه. وعلى ما يبدوا أن تنفيذ هذا الخيار صعب في ظل الخلافات الدّولية حول هذا المقترح التركي.

الحكومة التركية بدأت مجدّداً بتفعيل الخط الدبلوماسي حيال هذا الموضوع. فقد كانت محور محادثات الجانب التركي مع مساعد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" الذي قام بزيارة تركيا مؤخّراً، مسألة سقوط مدينة حلب وما سينتج عنه من نزوح الملايين إلى تركيا.

والواضح لكل متتبّع للتطورات انّ الولايات المتّحدة الأمريكية لم تتحمّس أبداً لفكرة إنشاء مناطق آمنة ومناطق حظر للطّيران داخل الأراضي السّورية. لأنّ الإقدام على مثل هذه الخطوة لها مصاعب سياسية وعسكرية وتكتيكية. ولكي يتمّ تنفيذ هذا المشروع التركي، يجب أوّلاً إمرار هذا البند من مجلس الأمن، حيث يعلم القاصي والدّاني بأن الروس سيرفضون هذا العرض التركي قبل طرحه للتّصويت.

ومن غير العدل أن يطلب المجتمع الدّولي من تركيا الاستمرار في إتّباع سياسة الباب المفتوح أيضاً في حال حدوث نزوحٍ جماعيٍ جديدٍ من سوريا.

والواضح أنّ الحكومة التركية لا تنوي تكرار السياسة التي اتبعتها عام 2011 عندما فتحت أبوابها على مصراعيه وأطلقت شعار " أبوابنا مفتوحة لإخوتنا السوريّين". عندها كانت التّقديرات لا تتجاوز المئة ألف نازح.

حيث كانت الحكومة تخطّط إنشاء مخيّمات خاصة لإيواء هؤلاء ورعايتهم والإعتناء بهم ريثما يسقط نظام الأسد ويتمّ إعادتهم إلى بلدهم. لأنّ الحكومة كانت تعتقد بأن نظام الأسد لن يبقى مطوّلاً في الحكم آنذاك. لكن الحكومة التركية لم تتوفّق في حساباتها.

لا شك أن الحكومة التركية قامت بإعطاء العالم درساً في الانسانية من خلال مدّ يد العون للنّازحين السوريّين والاهتمام بهم ورعايتهم. لكن الحكومة التركية سوف تتخذ إجراءات مختلفة فيما يخصّ مسألة اللاجئين الجدد، لا سيما أن القيادة التركية أيقنت أنّ بقاء النازحين في تركيا سيطول في ظل التّطوّرات الرّاهنة وأنّ قسماً من هؤلاء السوريّين لا ينوون العودة مرةً أخرى إلى بلادهم.

لقد اصبحت أزمة اللاجئين،أزمةً دولية وعلى المجتمع الدّولي التّدخل سريعاً لتقديم المساعدة والتكاتف مع الدّولة التركية من أجل حلّ هذه المشكلة.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس