أفق أولوطاش - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

عندما قصفت تركيا محيط مدينة عفرين وسط الأسبوع، انتشرت أقاويل عن بدأ عملية عسكرية منتظرة ضد المدينة. وبعد فترة تبين أن القصف جاء في إطار قواعد الاشتباك وليس انطلاق عملية عفرين. ثار قلق حزب العمال الكردستاني ومؤيديه في تركيا. وعلى الإثر صدر عن أوساط حزب العمال نداء وتهديد. وجه الحزب نداءً إلى الولايات المتحدة من أجل إيقاف القصف على عفرين، وفي الوقت ذاته هدد بضرب تركيا عن طريق الإرهاب، في حال إطلاق العملية ضد عفرين. 

حمل نداء حزب العمال إلى الولايات المتحدة في الوقت ذاته نوع من الابتزاز، حيث هدد بوقف عملية الرقة إذا أطلقت تركيا عملية ضده في عفرين. وهذا الابتزاز لن ينفع الحزب لعدة أسباب. أولًا، رغم قول وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إن التعاون مع حزب العمال في الرقة "اضطراري"، إلا أن واشنطن تعلم جيدًا أن ذلك غير صحيح. ثانيًا، رغم هذا الاضطرار إلا أن الولايات المتحدة دولة لا تحب الابتزاز. أي أنها قد لا تحتمل أهواء حزب العمال. وثالثُا، تعليق عملية الرقة، المستخدم أداة للابتزاز، ليس بالأمر الواقعي. 

أي أن حزب العمال لا يمكنه تعليق عملية الرقة وإن أراد ذلك. لأنه على تماس مباشر مع تنظيم داعش. وتعليق العملية يعني انتقال داعش إلى الهجوم على مناطق سيطرة القوات الكردية (وحدات حماية الشعب/ قوات سوريا الديمقراطية). ولا يمكن تعليق العملية إلا بتوقيع اتفاق هدنة مع داعش, كما أن تعليق العملية، التي توليها واشنطن أهمية كبرى، سيكلف حزب العمال غاليًا، وهو ما يعرفه الحزب جيدًا ولا يمكنه المجازفة به. باختصار، هذا الابتزاز لن يكون ذا فائدة للحزب. 

أما بالنسبة لتهديد حزب العمال تركيا، فهو يختزل الجدل الدائر حول علاقة الحزب بوحدات حماية الشعب. الإرهاب هو الورقة الوحيدة لدى امتداد حزب العمال في سوريا، ضد تركيا. فالحزب يعتزم الرد على قصف عفرين بعمليات في الداخل التركي، وهذا ما يظهر عبثية محاولة الفصل بين حزب العمال ووحدات حماية الشعب.

كانت روسيا ضمان حزب العمال الكردستاني في عفرين. لكن الحزب يعيش اليوم شعورًا بالهجران من الجانب الروسي، ويخشى أن ترحل القوات الروسية الموجودة في كفر جنة، ما بين عفرين واعزاز. ويعتقد الحزب أن اتفاق روسيا مع تركيا على مناطق خفض النزاع في إدلب ورحيل الروس عن عفرين هو أوضح إشارة على العملية التركية القادمة. ومن دون الدرع الروسي فإن عفرين شديدة الهشاشة، كما أن المدينة ليس لها أي أولوية بالنسبة للولايات المتحدة. وعند إضافة التوتر بين النظام السوري وحزب العمال يشعر الحزب بقلة الحيلة في محيط عفرين.

يمكن السيطرة على عفرين عن طريق عملية محتملة عبر مرحلتين. الأولى هي المناطق التي تمدد فيها حزب العمال من مطار منغ شرق عفرين حتى اعزاز وتل رفعت، بدعم من روسيا. والثانية مركز سيطرة الحزب في عفرين. وستكون المنطقة الأولى محور العملية المحتملة. وفي حال السيطرة عليها مع جنوب عفرين سيصبح الحزب محاصرًا تمامًا، كما أن طريق إدلب حلب سيُفتح أمام المعارضة. وفي حال إرسال تركيا قوات سيكتسب هذا الطريق أهمية أكبر.

بدأت تركيا منذ فترة طويلة بحشد قوات لها على حدود عفرين، وستقوم بعملية ضد وجود حزب العمال الكردستاني هناك إن عاجلًا أم آجلًا. الوضع الحالي مناسب لذلك، لكن من الضروري عدم انتظار تغير الوضع، والتحرك في الميدان عوضًا عن الاكتفاء بالأقوال.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس