محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

يعاني كل مجتمع من "وسواس" داخلي، يضرب جذوره في أعماق التاريخ، خصوصا أولائك الذين تعرضوا للظلم في فترة ما من تاريخهم، فالمدافعين عن أفعال هتلر يقولون أن سبب قيامه بذلك هو ما قام به اليهود في ذلك الزمن، فهم يرون أنّ ما قام به هتلر هو ردة فعل تجاه أساليبهم وتصرفاتهم، هكذا يعتقدون.

أعتقد أنكم سمعتم الدعابة الألمانية في يوم من الأيام، وهي أن أحد اليهود الألمان اقترب من أحد جيرانه وقال له مشتكيا :"أنا لا أريد العيش في هذه الدولة بعد الآن"، وعندما استفسر جاره عن سبب ذلك، أجاب :"لأنه سيتم طرد كل الخياطين واليهود إلى خارج ألمانيا في الغد"، وفورا سأل الألماني مستغربا "ولماذا يتم طرد الخياطين"، ولم يخطر بباله أنْ يسأل عن سبب طرد اليهود، ولهذا أجابه اليهودي "نعم، لهذا السبب لا أريد العيش في هذه الدولة بعد الآن".

أين يقع الوطن الأم للفلسطينيين؟

اليوم، وافقت إسرائيل على مسودة قرار متعلقة بقانون "المواطنة"، وهذا يعني تطبيق سياسة مماثلة جدا لتلك التي طبقتها ألمانيا ضد إسرائيل، وهي التفرقة العنصرية، فما تقوم به إسرائيل اليوم ضد الفلسطينيين، يشابه إلى حد كبير ما قامت به ألمانيا ضد اليهود أيام هتلر.

فالقانون الذي أتحدث عنه يُفسّر على أنّ "الدولة الاسرائيلية هي دولة لليهود فقط، وأنّ المواطنين العرب غير متساويين مع المواطنين اليهود، بل هم في مرتبة أدنى"، وهذه تفرقة عنصرية عرقية يندى لها الجبين، وإذا ما تم تطبيقها فسيتم اضطهاد المواطنين العرب وحقوقهم بصورة غير مسبوقة، وهذا أمر خطير للغاية، فالمواطنين أصحاب الأرض الأصلية أصبحوا لا يعيشون حتى كمواطنين في دولة جثمت على تلك الأرض.

علينا أخذ العبر

كل هذه التطورات لا تنبع سوى عن مرجل يغلي، وسينفجر في وجه الشرق الأوسط كله، وهذا ما بدا واضحا في البيان الصحفي الذي صدر عن حماس ضد هذا القانون، فقد أشاورا في بيانهم إلى أنّ "نص هذا القانون، لا يعني سوى إعلان حرب دينية ضد العالم العربي كله، من أجل السيطرة عليه من قبل يهود"، ومثل هذه التصريحات تفيد بقرب حدوث تطورات مفصلية، ربما تفجر المنطقة بأسرها.

ولا شك أنّ كل هذه التطورات هي امتداد لأحداث تاريخية، وهي امتداد لضغائن بقيت في الصدور على مدار عقود طويلة، ولهذا فإن علينا –نحن الأتراك- أخذ العبر من ذلك، فما نعيشه من تطورات وأحداث، وخصوصا فيما يتعلق بعملية السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد، يحتم علينا التعامل بحذر شديد تجاه تلك القضية، وعلينا الابتعاد وتجنب كل التصرفات التي قد تؤجج الطائفية والتمييز العرقي بكل أشكاله وألوانه.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس