سنان برهان - صحيفة يني عقد - ترجمة وتحرير ترك برس

أود تقييم الانقلابات والجيش التركي بمناسبة مرور العام الأول على محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو. تعرضت القوات المسلحة التركية لانتقادات عديدة حتى الآن، بعضها صحيحة وبعضها خاطئة. توجد مؤسستان بارزتان في تركيا. الأولى هي وزارة الشؤون الدينية، والثانية هي القوات المسلحة التركية.

إن تشكل الضعف في الشؤون الدينية سيؤدي إلى خسارة الملتزمين أيضاً، فضلاً عن خسارة مفهوم الدين في تركيا. الدين يمثل متوسط المجتمع التركي. كما يحقق التوازن والاستقرار بين المجموعات الدينية الهامشية.

أما المؤسسة الأخرى التي تحمل أهمية كبيرة فهي القوات المسلحة التركية. إذ لقّب المجتمع التركي القوات المسلحة التركية بكلمة "مهمتشيك"، والمستنبطة من اسم محمد. تحتوي هذه الكلمة في مضمونها المعنوي على حب العادات والتقاليد، الوطن، الدين، الإيمان ورسول الله محمد ﷺ. لذلك فإن اتهام القوات المسلحة التركية بمناهضة الدين يعدّ ظلماً كبيراً لهم.

 ظهر في الماضي بعض الإداريين المتحمسين للانقلابات، والذين مارسوا الظلم والاضطهاد تجاه الفئة الملتزمة والمتدينة، داخل القوات المسلحة التركية. في حين ازدادت ممارسة الظلم والاضهاد تجاه رجال الدين من قبل بعض الجنود خاصةً خلال فترة 28 شباط/فبراير. إذ تم إغلاق حزب الرفاه السياسي المشروع خلال تلك الفترة، إضافةً إلى وضع الحظر السياسي على نجم الدين أربكان. من جهة أخرى، إن إضعاف مؤسسة القوات المسلحة التركية يعني تقسيم وتجزئة تركيا. لذلك لم يوجه أربكان أي انتقادات تجاه القوات المسلحة التركية على الرغم من إغلاق حزبه السياسي. كما يجب علينا حماية المؤسسات المهمة مثل وزارة الشؤون الدينية أيضاً.

اتّخذت عدة خطوات إيجابية داخل القوات المسلحة التركية خلال الآونة الأخيرة. إذ تمكنت تركيا من المصالحة بين الشعب والجيش، وتحول الجيش إلى جيش الشعب. كان الجيش التركي جيش الشعب في الماضي أيضاً، ولا شك في صحة ذلك. لكن تسببت بعض الشخصيات الهامشية داخل الجيش بالضرر لصورة الجيش المرسومة في أعين الشعب. اتنزعت العلاقات بين الجيش، والفئة الملتزمة والمتدينة. كما لم يتم السماح بدخول أمهات الشهداء المحجبات إلى الثكنات العسكرية خلال تلك الفترة. ليس هناك أي فائدة من استعادة هذه الذكريات السيئة، يجب أن نلتفت إلى المستقبل. لقد تصالح الجيش والشعب الآن، وإليكم هذا المثال على ذلك:

أقام رئيس الأركان "خلوصي أكار" برفقة بعض القادة العسكريين صلاة العيد في بلدة "تيللو" التابعة لمدينة "سييرت". قام بعدها بتوزيع ظروف تحتوي بداخلها مبلغا رمزيا على الأطفال الذين عايدوه عقب انتهاء الصلاة. ثم ذهب في زيارة إلى ضريحي "ابراهيم حاقي" و "اسماعيل فقير الله"، مستفيداً خلالها من المعلومات التي أعطاها إياه إمام القرية في المنطقة. وأنهى زيارته بقراءة سورة الفاتحة عند قبر "أمين أكيلديز" الذي استشهد خلال تفجير وقع في بلدة "شيرفان"، معربا عن تعازيه لعائلة الشهيد.

أسعد هذا التصرف المجتمع التركي. هكذا يتصرف شعب الأناضول. الدين ديننا، العلم علمنا والجمهورية جمهوريتنا.

لدي تعبير واضح جداً على ما ذكرته. زرعوا فكرة أن رجال الدين لديهم مشكلة مع الجمهورية في أذهن القوات المسلحة التركية لعدة سنوات. في حين أن رجال الدين الحقيقيين ليسوا مناهضين للجمهورية أو النشيد الوطني وكل ما يتعلق بها. من جهة أخرى، كانوا يصورون في أحيائنا الجنود على أنهم الشبح المخيف. في حين أن الجنود هم أبناء هذا الوطن، وقرة عين تركيا والشعب التركي.

أما بالنسبة إلى محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو، فقد تمكنت تركيا من التصدي لهذه المحاولة عن طريق القادة الموجودين ضمن القوات المسلحة التركية والمتعلقين بالديمقراطية والإرادة الوطنية. فشلت هذه المحاولة بتصدي الشعب، القوات المسلحة التركية، الحكومة والرئيس أردوغان لها. تركيا الآن أقوى من ذي قبل بكثير. إذ يمكن لجيش متضامن ومتعاون مع شعبه أن يتحدى العالم بأجمعه.

عن الكاتب

سنان برهان

إعلامي وكاتب لدى صحيفة يني عقد التركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس