أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

مضى قرابة شهرين على إعلان مجموعة من البلدان العربية بزعامة السعودية والإمارات ومصر عقوبات على قطر. الأزمة المصطنعة والمطالب مستحيلة التحقيق كشفت عن ضعف حسابات المعسكر المناهض لقطر، وتسلطه في الوقت نفسه. تلاشت المطالب الثلاثة عشر، ومن بينها القاعدة التركية، دون الحصول على أي دعم دولي. وهناك أحاديث عن خفض المطالب إلى ستة. وبعبارة أخرى فإن من وضعوا سقف مطالب عالٍ من أجل المساومة، على وشك العودة بخفي حنين.

هناك عدة أسباب لعدم سير الأمور على ما يرام بالنسبة للجبهة المناهضة لقطر. أولًا لم يكن من الممكن تلبية المطالب. كما أن عدم تلقي الدعم الدولي أفسد جميع الخطط. قرأت الدول الخليجية سياسة الولايات المتحدة وقدرة إدارة ترامب على تحقيق وعودها بشكل خاطئ. وما فاتها هو الطبيعة المؤسسية للولايات المتحدة.

فالأمور في الولايات المتحدة لا تسير بحسب رغبة الأسرة الحاكمة، كما هو الحال في الخليج. وقد رأينا أن العلاقات المؤسسية التي تقيمها البنتاغون ووزارة الخارجية مع الدول الأخرى، بإمكانها تغيير سياسة الرئيس عند الضرورة.

بذل تيلرسون جهده لإنهاء هذه الأزمة المصطنعة والتافهة، ولو كان الثمن الصدام مع ترامب. كما وضعت الأزمة حدودًا للإمارات التي زادت عدوانيتها في السنوات الست الأخيرة. لأن الأزمة طُهيت في المطبخ الإماراتي بنسبة كبيرة.

ما من شك في أن الخلافات الإيديولوجية الكامنة وراء الأزمة واختلاف الرؤى وتباين السياسات الإقليمية سوف تستمر. أي أنه يتوجب علينا أن نكون مستعدين لمواجهة الأزمات التي تفتعلها الإمارات وشركاؤها الإقليميون والدوليون، فضلًا عن استنباط الدروس من هذه الأزمة الأخيرة.

اتخذت تركيا طوال الأزمة موقفًا هادئًا وبناءً للغاية. ودعمت جهود الوساطة الكويتية الإيجابية. وبينما أكدت أنها ليست طرفًا في الأزمة، أحبطت مساعي الإمارات وبلدان أخرى لجرها إلى الأزمة.

يتوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في جولة خليجية قريبًا. تشمل الجولة السعودية، وتعتبر تتويجًا لدبلوماسية هادئة استمرت شهرين. القوات العسكرية التي اتجهت إلى قطر بموجب اتفاقية ثنائية لعبت دورًا في نجاح الدبلوماسية الهادئة.

لكن للأسف الدبلوماسية وحدها لا تكفي في الشرق الأوسط بشكل عام. القوات التركية في قطر ليس لها مهمة ضد بلدان الخليج الأخرى، بل إنها إسهام في الأمن الجماعي لمجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك فإن مبادرة أنقرة لتطبيق الاتفاقية العسكرية عززت من الدبلوماسية التركية، ومن الواجب الاستمرار على هذا المنوال.

هناك وجه آخر للأزمة يعني تركيا، وهو أن المعسكر المناهض لقطر لديه تحفظاته تجاهها. وهناك عبارة لوزير الخارجية القطري توجز الأمر كله، إذ قال إنه كان من الممكن أن تحدث محاولة في قطر أيضًا شبيهة بالمحاولة الانقلابية في 15 يوليو بتركيا. فنحن إذًا في مواجهة "محاولة انقلابية إقليمية"، والأزمة القطرية جزء منها.

ومن أجل مجابهة هذه العمليات التي تفضي إلى خسارة للمنطقة برمتها لا بد من إجراء مفاوضات جدية مع الفاعلين العقلاء. وعلى اللاعبين الإقليميين الذين يتحلون بحس المسؤولية، وعلى رأسهم تركيا، أن يضعوا فكرًا إقليميًّا يلجم رعونة الطائشين في المنطقة.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس