أوكاي غونينسين – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

قبل رئيس حزب الحركة القومية "دولت بهتشلي" بتحدي رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، وذهب لزيارة مدينة "تونجلي"، وتحدث هناك عن أحداث "درسيم"، والتي ارتكب فيها مجزرة راح ضحيتها أكثر من 13 ألف مواطن من العلويين، في نهاية ثلاثينات القرن الماضي، وقد تمت هذه الزيارة تحت حراسة أمنية مشددة.

لم يصرّح "بهتشلي" بأي جديد، بل ذهب هناك وكرر نفس كلامه ووجهة نظره تجاه تلك المذبحة، وعاد كما ذهب، وقد خرج المواطنون في "تونجلي" احتجاجا على هذه الزيارة، وتم تفريقهم من قبل الشرطة، ولم تقع أحداث كبيرة، وهكذا يكون "بهتشلي" قد حقق جزءا من زيارته.

ما زال رئيس حزب الحركة القومية، مصرّا على أن أحداث "درسيم" كانت ناتجة عن عصيان مدني، وأن "سيد رضا" هو من بدأ هذا العصيان، وما زال "بهتشلي" يعتقد أنّ كل من شارك في ذلك العصيان هم من الإرهابيين.

لم يتحدث رئيس الحزب المعارض، عن مقتل ما يزيد عن 13 ألف مدني في تلك المذبحة، فهو حتى لا يهمه إنْ كان المشاركون في ذلك العصيان هم إرهابيون أم لا، فما يؤمن به هو أنّ الجيش قد اتخذ قرارا، وله الحق في استخدام كل ما يملك من قوة، وما حدث هو عقاب قاسي لسكان تلك المدينة، لكنه قانوني وعادل لأنه صدر عن الجيش، هكذا يعتقد، وهكذا يؤمن رئيس حزب الحركة القومية "بهتشلي".

كما لم يولِ أي أهمية، لأطفال تلك المدينة، الذين نشئوا أيتاما دون رعاية صحية أو تعليمية، ودون أنْ يحصلوا على أدنى الحقوق الإنسانية، فهذا بالنسبة له أمر طبيعي أنْ يحصل، ما دام آبائهم قد ارتكبوا أعمالا بنظره تصنف على أنها إرهابية، وأنّ ثمن ذلك باهظ، دفعه الآباء والأبناء سويا.

فبدلا من أنْ تكون قضية "درسيم"، التي يقطنها أغلبية علوية، قضية حساسة بالنسبة لكل رؤساء الأحزاب التركية، من أجل تحقيق الوحدة والسلام والأمن، ونشر المحبة بين الطوائف التركية المختلفة، ما زال "بهتشلي" يزيد في الانقسام والاستقطاب، وما زال يمارس التمييز العنصري، وتصريحاته ما هي إلا حملة جديدة من أجل زيادة الشرخ بين الطوائف التركية.

لا شك أنّ التحديات التي تكون بين السياسيين هامة، والتنافس الشريف بين الأحزاب يعود دوما بالنفع على الدولة والمجتمع، والمنافسة الديمقراطية أساس لنهضة الشعب والبلد، لكن ما يجب أن يدركه الجميع، هو أنّ أخذ الأمور بقشورها فقط لن يجدي نفعا، ولن يكون ذلك ضمن التنافس الشريف، والتحدي المقبول.

في تركيا، يستطيع "بهتشلي" وكل مواطن تركي، سواء أكان منتمي سياسيا أم لم يكن، يستطيع الذهاب إلى أي مدينة تركية، وإلى أي مكان داخل الدولة، من أجل نشر فكرته، وحث الناس على اتباع حزبه وخطته، فهذا ما زرعته الديمقراطية في تركيا.

نعم، يستطيع اليوم "بهتشلي" أنْ يزور "تونجلي" و"ديار بكر"، كما يستطيع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، أنْ يمارس السياسة بكل حرية في "ازمير"، وهذا يعني أننا انتقلنا إلى عهد ديمقراطي حقيقي، ولكن تلك الزيارات لا يجب أنْ تكون من أجل زيادة الحساسية والتفرقة بين أفراد الشعب، وإنما من أجل إنهاء كل الخلافات وكل الكراهية، ومن أجل القضاء على الحساسية الناتجة عن بعض الأخطاء التي وقعت بها الدولة في الماضي، هذه الزيارات يجب أنْ تكون من أجل زرع المحبة، ونشر السلام والطمأنينة بين الناس.

عن الكاتب

أوكاي غونينسين

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس