ترك برس

قال رئيس الوزراء السويدي السابق، كارل بيلت، إنه لو لم يفشل الانقلاب في غضون الـ48 ساعة الأولى، لكان من المحتمل أن تسقط تركيا في حرب أهلية مدمرة وعنيفة، كانت آثارها ستمتد إلى خارج حدودها.

وفي تحليل نشرته منظمة "بروجيكت سينديكيت"، وترجمته شبكة الجزيرة القطرية، قال بيلت إن عامًا مضى على الانقلاب الفاشل في تركيا، لكن ما زالت هناك تساؤلات كثيرة حول مستقبل البلاد.

وأضاف بيلت: لقد كانت محاولة الانقلاب في العام الماضي مثيرة جدا، حيث قصفت مقاتلات "أف-16" المتمردة البرلمان التركي، وفقد 249 شخصا حياتهم. لكن الانقلابيين أخفقوا في احتجاز الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي قام بعد ذلك بتعبئة مؤيديه حتى أفشل الانقلاب.

وأوضح السياسي السويدي أنه "لو لم يفشل الانقلاب في غضون الـ48 ساعة الأولى، لكان من المحتمل أن تسقط تركيا في حرب أهلية مدمرة وعنيفة، كانت آثارها ستمتد إلى خارج حدودها.

وشدّد على أن من الصعب اليوم العثور على أي شخص في تركيا يشك في أن الانقلاب كان مدبرا من القوات الموالية لرجل الدين الإسلامي فتح الله غولن، الذي يعيش بولاية بنسلفانيا (في أميركا). ويبدو أن جميع الأدلة المتاحة تؤيد هذا الاستنتاج.

وأشار إلى أن "الدولة التركية -التي كان عليها منع أي تسلل من قبل العناصر التخريبية في المقام الأول- تحتاج بلا شك إلى تطهير نفسها. ولكن إذا أريد لديمقراطية تركيا أن يكون لها مستقبل، فإن عملية إزالة التهديدات الداخلية يجب أن تلتزم بسيادة القانون وحقوق الإنسان، وأن تحظى بدعم واسع داخل المجتمع التركي".

وأكّد أنه "في أعقاب الانقلاب الفاشل، اتحد المجتمع التركي وراء أردوغان، لكن أعمال الحكومة منذ ذلك الحين قسمت البلاد بشكل متزايد. وفي محاولة لمواجهة التهديدات الأمنية في تركيا، جعلت الحكومة شباكها أوسع من أي وقت مضى.

وفي أبريل/نيسان، عمدت الحكومة إلى إجراء تغييرات دستورية في استفتاء عارضه تقريبا نصف الأتراك، بما في ذلك معظم الناخبين الشباب في المناطق الحضرية. وعندما تصبح التغييرات نافذة المفعول، سيتحول النظام السياسي التركي إلى نظام يتمتع فيه الرئيس بقوة مركزة للغاية".

وبحسب بيلت، "يعد هذا التوجه خروجا عن الولاية الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية، عندما قامت تركيا بتحديث اقتصادها، وتطوير مؤسساتها الديمقراطية، وانتقلت نحو منح المواطنين الأكراد حقوقهم المدنية الكاملة. وأدى التقدم الكبير -الذي أحرزته تركيا خلال هذه الفترة- إلى تعزيز آفاق قبولها في الاتحاد الأوروبي.

واستدرك بقوله: "لكن الآن أضحى المستقبل غير مؤكد. وإذا لم تبدأ الحكومة التركية في احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون في أوائل العام القادم؛ فإن ما تبقى من محاولة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ستبوء بالفشل.

وكانت فرص عضوية تركيا قد اصطدمت فعلا بمحادثات السلام وإعادة الوحدة الفاشلة مع قبرص، وهو فشل لا يمكن إلقاء اللوم فيه على تركيا وحدها. وقد تعرض هذا الإيذاء الخطابي إلى الاتحاد الأوروبي، لأن تركيا قد جعلت نفسها غير مرغوب فيها سياسيا بالعديد من دول الاتحاد، وليس ألمانيا وحدها".

وأضاف أنه "بدون القوة السياسية التي توفرها عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، يمكن لعملية التحديث في تركيا أن تتراجع. وإذا حدث ذلك، فيمكن سحب البلاد بشكل مطرد إلى مستنقع الشرق الأوسط.

وتكافح تركيا بالفعل من أجل إيواء الملايين من اللاجئين السوريين الفارين من الصراع الذي تشارك فيه القوات التركية الآن؛ وأراضيها هدف ثابت للهجمات الإرهابية التي تشنها الدولة الإسلامية. وعلاوة على ذلك، قرر أردوغان الآن إدراج تركيا كوسيط في الخلافات الدبلوماسية الجارية بين قطر ودول خليجية".

وقال السياسي السويدي إن "مستقبل تركيا هام جدا، حيث تمتد إلى أوروبا والشرق الأوسط. وسيصل عدد سكانها قريبا إلى 100 مليون نسمة، ولديها إمكانيات اقتصادية ضخمة. ولا يمكن كتابة تاريخ أوروبا من دون تركيا، كما أنه لا يمكن فصل مستقبل تركيا عن أوروبا.

وإذا تم وضع تركيا على مسار موثوق للاندماج في الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك قد يساعد على معالجة الانقسامات في الثقافات والتقاليد التي يمكن أن تهدد أوروبا".

وختم بقوله إن "الحروب السياسية الداخلية في تركيا تعرقل الآن هذا المستقبل. بعد محاولة الانقلاب كان من الضروري تثبيت الأمن والاستقرار. وبدلا من ذلك، تعرف البلاد حالة مثيرة من الانقسام الآن. وينبغي اتخاذ مسار آخر قبل فوات الأوان، ولكن الوقت بدأ ينفد".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!