طه داغلي – موقع خبر 7 – ترجمة وتحرير ترك برس

تمضي تركيا قدمًا لشراء منظومة الدفاع الصاروخية إس-400 من روسيا.

تتوالى التصريحات الرافضة للصفقة من الولايات المتحدة، وتدعي أن المنظومة غير قابلة للدمج مع أنظمة الناتو.

فهل هذا صحيح حقًّا؟ هل السبب في معارضة الولايات المتحدة منظومة إس-400 هي عدم تلاؤم الصواريخ، أم أن لواشنطن حسابات أخرى؟

يؤكد الخبراء أن منظومة إس-400 لا تواجه مشاكل في الدمج مع أنظمة الناتو.

وكمثال على ذلك، يشيرون إلى اليونان، التي تستخدم منذ مدة منظومة إس-300، وهي النسخة القديمة من إس-400. وبالتالي فإن  حجة التلاؤم التي تطرحها الولايات المتحدة واهية.

وكما يتضح من ذلك فإن تركيا ليست العضو الوحيد الذي سيستخدم منظومة صواريخ روسية في الناتو.

فاليونان لم تشترِ منظومة الصواريخ من روسيا، وإنما من الشطر الجنوبي من قبرص، لكن بالنتيجة المنظومة من صنع روسيا.

وبالتالي لا يحق لأحد أن يقول لتركيا "أنت عضو في الناتو فكيف تستخدمين صواريخ روسيا، أكبر عدو للحلف؟".

كما أنها ليست المرة الأولى التي تتفاوض فيها تركيا بخصوص صفقة صواريخ مع بلدان من خارج الناتو.

فهي أجرت مباحثات مع الصين عام 2013 من أجل شراء أنظمة صاروخية دفاعية.

استخدمت الولايات المتحدة آنذاك اللهجة نفسها، وادعت أن الصواريخ الصينية غير متلائمة مع أنظمة الناتو، وبذلت كل ما في وسعها من أجل صرف تركيا عن إبرام الصفقة.

ومباشرة عقب المباحثات التي عارضتها الولايات المتحدة الأمريكية بين أنقرة وبكين بشأن الصواريخ الدفاعية اندلعت أحداث منتزه "غيزي".

وفي أعقاب ذلك طرقت شركتا صناعة الأسلحة الأمريكية رايثيون ولوكهيد أبواب أنقرة أربعة مرات حتى عام 2014.

ومع تقديمهما عرضًا أفضل من ذلك الذي قدمته الشركة الصينية أوقفت أنقرة مباحثاتها مع بكين.

مربط الفرس في هذه القضية هي الحرية في اتخاذ القرار بشأن ما سيُشترى ومن أين.

إذا كانت الصين تقدم عرضًا بكلفة أقل، إذا الشراء منها.

أما إذا كانت الولايات المتحدة تصر على أن تكون الصواريخ من صنعها فعليها عندئذ أن تخفض السعر.

تمامًا كما حدث عام 2013.

نحن اليوم نواجه حالة مشابهة.

منظومة إس-400 أقل كلفة وأعلى جودة.

أما الولايات المتحدة فتعارض قائلة إنها لا تلائم أنظمة الناتو.

وفي الواقع، فإن أنقرة لا تكترث لهذه الاعتراضات، وهي تشتري البضاعة من المكان الأنسب لها.

لكن ما يهم الولايات المتحدة هو سوق السلاح. لأنها الأولى فيه، ومن ورائها روسيا.

وهي تعارض بشدة شراء تركيا منظومة إس-400 من روسيا لأنها لا تريد فقدان الصدارة في هذا السوق.

الاتفاق بين أنقرة وموسكو يوشك على الاكتمال.

وبعد ذلك هناك بعض البلدان الغربية الراغبة بشراء الأسلحة.

أمام البلدان الغربية خياران، أولهما الولايات المتحدة وثانيهما روسيا.

الأسلحة الروسية متقدمة أكثر من نظيرتها الأمريكية.

وما تخشاه واشنطن هو احتمال شراء البلدان الغربية، بعد تركيا، السلاح من موسكو.

وإذا حدث ذلك فإن الولايات المتحدة سوف تفقد حصة الأسد من سوق السلاح، وستتغير الكثير من التوازنات، كما أن الهاوية بين واشنطن وموسكو ستزداد عمقًا على نحو كبير.

عن الكاتب

طه داغلى

كاتب في صحيفة خبر 7


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس