فراس رضوان أوغلو - خاص ترك برس

واهم من يظن أن هناك إرداة دولية لإنهاء الصراع الدائر في سوريا وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لأسباب عدة، ولعل من أبرزها هو أن سوريا لم تدمر كلياً بعد في أتون الحرب الدائرة على أراضيها، و ثانياً هو أن هذا الدمار لم يطال تركيا كما كان مؤملاً منه حتى يكبح جماحها في التقدم واستقلالية القرار، ومن أجل عودتها لبيت الطاعة الأمريكي والأوروبي.

دلائل كثيرة تجعل صانع القرار التركي أكثر تيقناً بأن أمريكا ومن خلفها بعض دول الإتحاد الأوروبي تعمل على قطع المصالح التركية في العمق العربي عبر حدودها مع سوريا والعراق، ابتداءً من محاولة افشال اجتماعات الاستانا بعقد تفاهمات منفردة مع روسيا، وثانيها طلبها بإعادة الأسلحة التي سلمتها للمعارضة السورية المسلحة، وثالثها تلك التصريحات الأخيرة للمبعوث الأمريكي من أجل مكافحة تنظيم الدولة بريت ماكغورك والتي لمح فيها بأن تركيا تقيم علاقات مع جماعات إرهابية، تلك التلميحات ما هي إلا واحدة من تلك السياسات التي يتبعونها لتحجيم الدور التركي في المنطقة إضافة إلى الدعم الميداني لفصيل مصنف تركياً على أنه إرهابي وأيضاً عبر التشويه الإعلامي بحق تركيا وإفتراءات من أجل إحراجها على الأقل إعلامياً، بينما تتناسى الولايات المتحدة الأمريكية قصفها للمدن بحجة تواجد تنظيم الدولة ذلك القصف الذي لم يبقى حجراً على حجر في تلك المدن المنكوبة، ومن زاوية أُخرى واستمراراً لسيناريو الضغط على تركيا تقوم بعض دول الاتحاد الأوروبي بافتعال مشاكل معها لثنيها عن أهدافها وايقاف تمدد نفوذها الآخذ بالتوسع بل إن تلك الدول جعلت من نفسها الحديقة الخلفية لمنظمات مصنفة حتى في سجلاتها على أنها إرهابية، وهذا التزامن ليس وليد الصدفة بل هومنسق على الصعيد السياسي و الاقتصادي والعسكري.

لا يمكن اختصار الضغوطات على تلك القادمة من أوروبا وأمريكا  بل إن هناك ضغوطات تأتي من الشرق لا تقل أهميةً عن تلك القادمة من الغرب فروسيا وإيران منافسان تقليديان لتركيا ولذلك لن يتورعا عن اقتناص اي فرصة تزيد من نفوذهما في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط وهذا ما حاولت أن تفعله روسيا بعقد مهادنات من بعض الفصائل المسلحة من المعارضة السورية لإضعاف الدور التركي وخاصة في الشمال السوري.

لا شك أن الأنظار الأن تتجه نحو عملية سيف الفرات التي حشدت لها تركيا بشكل كبير والتي لم تنفذ حتى الأن باتجاه بلدة عفرين تلك القرية الصغيرة الحجم كبيرة الأهمية، فهي نقطة الوصل من أجل إنشاء الممر الكردي الانفصالي نحو سواحل المتوسط، وهذا ما تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية مع حليفها المطيع وحدات حماية الشعب الكردية لكن ذلك الطموح سيصطدم بعدة جهات رافضة له وعلى رأسهم روسيا ومعها النظام السوري لأن ذلك الممر سيقتطع من الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري وأيضاً سيُصبِح الممر أكثر قوة وفعالية واستقلالية عند وصوله لساحل المتوسط وهذا لن يرضى به النظام الحالي في سوريا ولا حتى أي نظام قادم إليها، والطرف الثاني الرافض وبشدة طبعا تركيا فهي مسألة أمن قومي لها، ولعل الوقت بات أفضل من ذي قبل من أجل تنفيذ عملية سيف الفرات أو التوسيع في عملية درع الفرات فروسيا التي كانت رافضة لعملية سيف الفرات قد توافق عليها لمنع المشروع الأمريكي وأيضاً بعد فرض الإدراة الأمريكية عقوبات عليها بات التقارب مع تركيا هو الطريق الأفضل لمواجهة العقوبات الأمريكية،وأما إيران فيمكن عدها الطرف الثالث والرافض للممر الكردي لما له من مخاطر على أمنها مستقبلاً فالمشكلة الكردية في إيران مازال لهيبها تحت الرماد.

تتضارب مصالح الفرقاء المتنافسون في سوريا يفرض على تركيا اقتناص ذلك التضارب ودون انتظار، فسياسة التمهل في سوريا باتت لا تجدي نفعا مع أحداث تتسارع كل يوم خالقة ظروفا مختلفة فما يمكن أن تكسبه اليوم قد لا تستطيع أخذه لاحقاً والنبق لمن سبق.

عن الكاتب

فراس رضوان أوغلو

دبلوم تاريخ في العلاقات السياسية في القرن الثامن عشر، كاتب ومحلل سياسي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس