فخر الدين ألتون – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

أنا أسميها قوى الشر الدولية، وليسمها من يشاء النظام الدولي أو أي شيء آخر. نتحدث هنا عن فاعلين ينتجون الشر بشكل ممنهج على الصعيد الدولي.

قوى الشر هذه تتبع سياسة واضحة المعالم منذ هجمات 11 سبتمبر. وهذه السياسة القذرة موجهة من أجل تمزيق المنطقة التي نعيش فيها، أي العالم الإسلامي. تسعى هذه القوى إلى تعزيز موقعها عبر زيادة الفوضى في منطقتنا.

وقعت هجمات 11 سبتمبر في عام 2001، ومنذ ذلك الحين شهدت المنطقة تغيرات في غاية الأهمية.

كبرت تركيا، أحد الفاعلين الهامين في المنطقة، وازدادت قوتها. كما أنها خطّت لنفسها طريقًا وبدأت تتصرف باسمها ولحسابها، وحاولت كسر قيود التبعية. قوى الشر التي كانت تعمل على تمزيق الشرق الأوسط وتمكين نظامها القذر بإثارة الاضطرابات في المنطقة، بدأت ترى في تركيا تهديدًا لها. سعت قوى الشر إلى تحويل جميع الأزمات الناشبة في المنطقة إلى أزمة تركية، واستخدمت ما حدث في إسرائيل ومصر وإيران وقطر وباكستان وسوريا من أجل ترويض تركيا.

لا يمكننا الحديث عن ما يحدث في قطر وإسرائيل وباكستان وسوريا بمعزل عن وضع تركيا والسياسة المتبعة من أجل حصارها. لننظر إلى الأزمة على حدودنا، إلى الجرح السوري الدامي منذ 6 ستوات. الدماء التي أريقت لا حد لها والمشهد في سوريا مؤلم جدًّا. الموت والأسر والهجرة والقتل والجوع والفقر... كل ذلك موجود، والأدهى أنه أصبح أمرًا عاديًّا.

خلال السنوات الأربع الأخيرة نسي العالم الأسباب الحقيقية للأزمة السورية، وأصبحت الأزمة مختزلة بوجود تنظيم داعش. وادعت قوى الشر أن الأزمة لا يمكن أن تُحل إلا بمكافحة ناجحة للتنظيم. وبحجة مكافحته أمدّت الولايات المتحدة بالسلاح وضخمت وحدات حماية الشعب، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا. وأكدت على ضرورة تطهير جرابلس والرقة والموصل من داعش.

حدث ما حدث وأضحى تنظيم داعش على وشك الانهيار في نهاية المطاف. لكن ماذا بعد ذلك؟ الذين اختزلوا الأزمة السورية بوجود داعش بدأوا الآن الحديث عن تنظيم آخر الآن. ولم يكتفوا بذلك، بل حاولوا إظهار الأزمة السورية على أنها مقترنة بوجود هذا التنظيم. هذا التنظيم اسمه القاعدة!

ولا تكتفي قوى الشر بإحياء ذاكرة 11 سبتمبر من خلال اعتبار "الأزمة السورية هي مشكلة وجود تنظيم القاعدة" فحسب، بل إنها تعتقد أنها حازت على وسيلة جديدة من أجل الضغط على تركيا. لم يكن عبثًا حديث بريت ماكغورك المبعوث الأمريكي للتحالف الدولي عن وجود القاعدة في إدلب ثم الإشارة إلى تركيا. نيتهم مكشوفة وهي إيقاع تركيا في مأزق.

الرسالة الموجهة إلى تركيا واضحة: إما أن تتدخل ضد القاعدة في إدلب، أو أن تغض الطرف عن تدخل وحدات حماية الشعب.

لماذا على تركيا أن تولي الأهمية للتدخل في إدلب، بينما وحدات حماية الشعب موجودة في عفرين؟

ومن جهة أخرى، كيف لتركيا أن تغض الطرف عن تدخل وحدات حماية الشعب ضد إدلب؟ هذا غير ممكن!

كل ما سبق هو حملات من أجل وضع أنقرة في مأزق. بيد أن تركيا، وللمرة الأولى تنظر إلى المنطقة بصفتها دولة تملك الثقة بنفسها.

التهديد خطير لكن ينبغي علينا ألا نستخف بقوة تركيا، والقدرات التي أصبحت تمتلكها في هذه المرحلة الجديدة. سيشتد استعار الصراع، لكن تركيا قادرة على المقاومة والانتصار...

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس