ترك برس

قال الإعلامي المصري البارز، أحمد منصور، إن تركيا التي ظلت تتعامل مع ألمانيا كـ"تابع" طوال العقود الماضية تحولت في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان إلى "منافس"، الأمر الذي أزعج الألمان بشكل كبير، مشيرًا إلى أن "الانزعاج الأكبر هو للولايات المتحدة الأمريكية".

وفي تقرير تحليلي نشرته صحيفة "الوطن" القطرية، تطرق منصور إلى التصريحات التي خاطب بها وزير الخارجية الألماني سيغمار غابريال، وجاء فيها "الزم حدودك.. من أنت لتخاطب رئيس تركيا بهذه الطريقة؟.. إنه يحاول إعطاءنا درساً.. منذ متى تتعاطى السياسة؟ كم تبلغ من العمر؟".

وجاءت تصريحات أردوغان رداً على انتقاد غابريال لدعوته للألمان من أصل تركي بعدم التصويت في الانتخابات البرلمانية القادمة للحزب الديمقراطي المسيحي الذي تقوده المستشارة إنجيلا ميركل والحزب الاشتراكي المتحالف معه في السلطة والذي ينتمي له غابريال، وكذلك حزب الخضر، لأن هذه الأحزاب الثلاث على حد قول أردوغان "عدوة لتركيا".

ووصف منصور تصريحات أردوغان بأنها "لغة سياسية حادة مليئة بالتحدي والسخرية"، مضيفًا: "بينما تلتزم ميركل الصمت في هذه المرحلة رداً على انتقادات أردوغان العنيفة لها ولسياسة ألمانيا تجاه تركيا، إلا أن وزير الخارجية الألماني اعتبر دعوة أردوغان لمليون ومائتي ألف تركي يحملون الجنسية الألمانية بعدم التصويت للأحزاب الثلاثة تدخلاً استثنائياً في سياسة ألمانيا الداخلية".

ورأى منصور، مقدّم البرامج في قناة الجزيرة القطرية، أن هذا الخطاب هو ذروة التصعيد الذي بدأ منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قامت بها قوات في الجيش التركي تابعة لجماعة فتح الله غولن الذي يقيم في الولايات المتحدة ويحظى بدعم أميركي وغربي واسع.

وقد اعتبر أردوغان منذ ذلك الوقت أن أوروبا مع دول أخرى كانت متورطة في دعم الانقلابيين غير أنه على اعتبار أن ألمانيا هي أقوى دول أوروبا وهي التي تقود الاتحاد الأوروبي بالفعل، كما أن العلاقات التركية الألمانية هي علاقات تاريخية تعود إلى ما يقرب من مائة وثمانين عاماً.

كما أن تركيا كانت حليفة لألمانيا في الحرب العالمية الأولى وساهم الأتراك بشكل أساسي في إعادة بناء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وهذا سبب وجود حوالي أربعة ملايين تركي يعيشون في ألمانيا حصل أكثر من مليون منهم على الجنسية التركية.

وأضاف منصور: "لكن تركيا التي ظلت تتعامل مع ألمانيا كتابع طوال العقود الماضية تحولت في عهد أردوغان إلى منافس وإلى تعديل قواعد العلاقة لتتحول من التبعية إلى الندية وهذا ما أزعج ميركل والألمان بشكل كبير".

وتابع: "لكن الانزعاج الأكبر هو للولايات المتحدة التي لا تريد لدولة إسلامية أن تحصل على القوة الاقتصادية والسياسة والعسكرية التي تجعل لها داخل حلف الناتو أو في المنطقة قراراً مستقلاً عن القرار الغربي، فألمانيا نفسها تابع للولايات المتحدة ولا تملك قرارها أو سيادتها منذ هزيمتها في الحرب العالمية الثانية".

ومن ثم فإن كثيراً من المراقبين يعتقدون أن الاشتباكات بين ألمانيا وتركيا هي وليدة ضغوط أميركية على ألمانيا، حيث تمارس الولايات المتحدة على تركيا ضغوطاً من نوع آخر تتمثل في دعم الأحزاب الكردية التي تحاربها تركيا في سوريا، والتي تعتبرها تركيا إرهابية وكذلك دعم غولن وعدم تسليمه لتركيا رغم تسليم الأتراك للأميركان الوثائق التي تدل على تورط غولن في المحاولة الانقلابية الفاشلة.

وخلص الإعلامي المصري إلى أن "اللعبة أكبر من أن تكون بين الأتراك والألمان الذين لا يريدون لأزمة علاقتهم من الأتراك، أن تذهب بعيداً، لأن الخسائر ستكون فادحة على الطرفين، ولكن فتش دائماً عن الولايات المتحدة".

في سياق متصل، علق الباحث في مركز أنقرة للبحوث والدراسات الإستراتيجية جاهد توز على تصريحات غابرييل بالقول إن الألمان هم الذين تدخلوا في العملية الديمقراطية التركية أولا حين حاولت برلين التأثير على نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية بتركيا في أبريل/نيسان 2016.

وخلال حديثه لشبكة الجزيرة القطرية، ذكر الباحث التركي بالتصريحات الحادة لعدد من المسؤولين الألمان، والتي دعوا فيها الأتراك للتصويت بــ "لا" في استفتاء تعديل الدستور للانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي، بحسب الجزيرة.

كما أشار إلى منع برلين ثلاثة مسؤولين من حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، بينهم وزراء من لقاء الأتراك في ألمانيا، والبالغ عددهم ثلاثة ملايين ونصف المليون، لعرض موقف الحزب عليهم في موضوع تعديل الدستور.

لكن توز استبعد تطور الأمر إلى مرحلة قطع العلاقات أو تجميدها نظرا لحجم التبادل التجاري الكبير بين أنقرة وبرلين، فألمانيا أكبر الشركاء التجاريين لتركيا بحجم تبادل تجاري يبلغ 35 مليار يورو (41 مليار دولار) سنويا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!