نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تشكل الأزمة السورية واحدة من أهم القضايا بالنسبة للسياسة الخارجية التركية. أمامنا قائمة طويلة من المسائل المتعلقة بها، حزب العمال الكردستاني وذراعه في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي، تمركز القاعدة في إدلب، مستقبل المناطق السنية المعارضة بعد داعش، الدور المتزايد للأسد، اللاجئون، مستقبل الجيش السوري الحر الذي يهم تركيا كثيرًا، وأخيرًا مصالح واستراتيجيات البلدان المتدخلة في سوريا.

عند النظر من جانب تركيا، يتمحور النقاش بخصوص سوريا حول الدعم العسكري والدبلوماسي والنفسي، الذي تقدمه الحليفة الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وتقول تركيا، وهي محقة في ذلك، إن هذه العلاقات تهدد أمنها.

بيد أن علاقات الحزب مع "الأطراف الأخرى" معقدة أكثر بكثير مما تبدو عليه. فالدعم والمساعدة والتشجيع لا يقتصر على الولايات المتحدة فحسب. وإذا تركنا بعض الأعضاء في الاتحاد الأوروبي جانبًا، تقوم روسيا بحملاتها من خلال علاقات عميقة وصامتة وعلى مستويات منخفضة. ومن أجل فهم الأسباب الكامنة وراء الحملات الروسية ودواعيها المحتملة يتوجب النظر إلى علاقات روسيا- حزب العمال الكردستاني عن كثب.

لا تعتبر روسيا حزب العمال الكردستاني تنظيمًا إرهابيًّا (لم يعد لذلك معنى فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يمكنهما إقامة علاقات مع الحزب، يعتبرانه إرهابيًّا، عندما يتعلق الأمر بمصالحهما). وذلك ناجم عن حقبة الحرب الباردة والإيديولوجية الاشتراكية والوفاء المتبادل بين الجانبين.

ويعود الوفاء إلى "التحركات الخفية" التي كانت تقدم عليها سوريا والاتحاد السوفياتي وحزب العمال الكردستاني معًا. ومن جهة أخرى، عند التعامل مع الأمر على أنه "المسألة الكردية فإن القصة تمتد إلى العهد القيصري. وهذا ما يكشف مدى عمق واتساع الاهتمام الروسي بالحزب.

 مع عودة روسيا بقوتها العسكرية إلى شرق البحر المتوسط، لن نكون مغالين إذا قلنا إن موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي تطور يحدث في المنطقة وسوريا. وعلى الأخص عندما يتعلق الأمر بالمسألة الكردية، وهي من القضايا المحورية في الشرق الأوسط. وهذا يفرض علينا العودة إلى أرشيف القرن التاسع عشر وسنوات الحرب الباردة.

بحسب النظرة الروسية فإن حزب العمال الكردستاني يعزز قوته في سوريا بفضل المساعدات الأمريكية. ومع مرور الوقت قد تصبح المسألة الكردية حكرًا على الولايات المتحدة. ولن يكون من المنطقي قطع وإضعاف روسيا علاقاتها الإيديولوجية والتاريخية مع الحزب.

فترك الحزب تحت إشراف الولايات المتحدة قد يلحق الضرر بالمصالح الروسية في سوريا. كما أن العلاقات معه تشكل تحذيرًا مبطنًا ليس في سوريا وإيران والعراق وتركيا، ,إنما في التنافس بين الأوساط الكردية أيضًا.

تظهر الحملات الروسية أنها ستبقى في سوريا والشرق الأوسط على مدى الأعوام الخمسين القادمة. وهذا يعني أن موسكو ستواصل علاقاتها مع حزب العمال الكردستاني في كافة الظروف.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس