ترك برس

ناقش خبراء عسكريون واستراتيجيون دلالة إقدام تركيا على إتمام صفقة شراء منظومة صواريخ "أس400" المتطورة مع روسيا، والتأثيرات التي يمكن أن تتركها الصفقة على علاقة أنقرة وموسكو بواشنطن وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وذلك خلال برنامج تلفزيوني على قناة "الجزيرة" القطرية.

وقال كبير مستشاري رئاسة الوزراء التركية عمر فاروق قورقماز إن تركيا تحتاج إلى هذه المنظومة الدفاعية الجوية القوية، فهناك قضايا في الدفاع لم يوفرها حلف الأطلسي لتركيا، وليس من حق أحد التدخل فهو شأن سيادي تركي.

وبحسب الجزيرة، أضاف قرقماز أن تركيا تحاول منذ فترة طويلة تنويع مصادرها الدفاعية، وتبحث عن شراكة حقيقية مع الدول العظمى، أبرزها الصين وروسيا والولايات المتحدة.

وأوضح قورقماز أن تركيا حاولت التفاهم مع الصين في السنوات الماضية وبعض الدول الأوروبية، لكن روسيا قدمت مناقصة معقولة جدا، كما أنها ستشارك في صناعة صواريخ "أس400" في الأراضي التركية.

من جهته، وصف يفغيني بوجينسكي الجنرال السابق في الجيش الروسي والخبير العسكري والإستراتيجي المختص في الأمن الدولي، صفقة الصواريخ الروسية لتركيا بأنها "صفقة ثورية" وانتصار واختراق كبير للصناعة الدفاعية الروسية للدخول إلى أسواق الغرب، لاسيما أن تركيا عضو في الناتو وهي جزء من التحالف الغربي.

وقال بوجينسكي إن منظومة "أس400" واحدة من أفضل الأنظمة الدفاعية في العالم، وهي أفضل من صواريخ باتريوت الأميركية، وتستخدمها القوات المسلحة الروسية وأثبتت كفاءتها.

أما الدبلوماسي الأميركي السابق جيمس جورج جاتراس فرأى في الصفقة عدة أسباب للقلق بالنسبة لواشنطن، أولها يتعلق بشراء المنظومة ذاتها، فالولايات المتحدة تريد لحلفائها شراء منظوماتها هي، ليس فقط لأسباب مالية، بل أيضا للسيطرة التي تحصل عليها عن طريق تقديم الدعم الفني وقطع الغيار وصيانة هذه المنظومات.

وأضاف أنه إذا اشترت تركيا هذا النظام من روسيا فإن واشنطن تشعر أن هذا سيجعل أنقرة أكثر استقلالية من التوجيه والإدارة الأميركية، وتركيا أحيانا تبتعد عن التحالف الغربي ومنظومته بسبب التوترات الشديدة بين برلين وأنقرة، ذلك أن برلين هي الشريك المفضل للولايات المتحدة في أوروبا.

وفي تصريحات صحفية، قال الرئيس التركي رجب طيبأردوغان إنه "تم التوقيع لشراء منظومات أس 400 من روسيا"، مضيفا أنه "تم تسديد دفعة أولى". وتابع أن تركيا "حرة في القيام بعمليات شراء للأسلحة وفق احتياجاتها العسكرية.. نحن مضطرون لاتخاذ خطوات عسكرية من أجل الدفاع عن أمن بلدنا".

في الجانب المقابل، أكدت موسكو توقيع عقد شراء منظومة الصواريخ الروسية، وقال فلاديمير كوزين مستشار الرئيس فلاديمير بوتين للتعاون العسكري والتقني "لقد تم توقيع العقد، والعمل جار للتنفيذ".

وأضاف المسؤول في تصريح لوكالة الأنباء الروسية إيترتاس أن "أس 400 هي واحدة من أعقد المنظومات، وهي تتشكل من مجموعة من العناصر التقنية".

وعن أهمية الصفقة لبلاده، قال كوزين "لا يمكنني إلا أن أوكد أن جميع القرارات المتخذة ضمن العقد تمتثل امتثالا صارما لمصالحنا الإستراتيجية" مضيفا أن بلاده "تتفهم بشكل عام ردود فعل دول غربية تحاول الضغط على تركيا".

وبحسب "الجزيرة"، ستشكل منظومة "أس 400" إضافة نوعية للجيش التركي حيث إنها قادرة على تدمير أهداف من مسافات بعيدة، يصل عدد الأهداف التي بإمكانها تتبعها في وقت واحد إلى ثلاثمئة، ويبلغ مدى تدمير الطائرات ما بين ثلاثة و240 كيلومترا، بإمكانها تدمير جميع أنواع المقاتلات واعتراض الصواريخ المجنحة، زود الجيش الروسي بها منذ 2007.

وبالإمكان تزويد المنظومة بخمسة أنواع من الصواريخ المختلفة المهام، بينها صاروخ (40Н 6 Е) القادر على تدمير طائرات الكشف الراداري البعيد وطائرات الشبح، وذلك على بعد أربعمئة كيلومتر.

يشار إلى أن العلاقات التركية الروسية شهدت على مدى 17 عاما تطورات لافتة، رغم ما شابها من توترات من حين لآخر، أبرزها تباين الرؤى بشأن الثورة السورية وإسقاط تركيا لمقاتلة عسكرية روسية أواخر 2015، واغتيال السفير الروسي بأنقرة.

وقد دخلت العلاقات بين البلدين -التي بدأ تطورها اعتبارا من عام 2000- مرحلة جديدة منذ وصول الرئيس فلاديمير بوتين إلى السلطة في روسيا، وزاد زخم العلاقات مع وصول حزب العدالة والتنمية التركي للحكم عام 2002.

وشهدت العلاقة تطورا إيجابيا ملحوظا عبر الزيارات المتبادلة بين رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!