فراس رضوان أوغلو - خاص ترك برس 

(حاولنا في السابق أن نجري عملية الاستفتاء، إلا أن الوقت لم يكن مناسباً بعد، وإذا قمنا الآن بتأجيل هذه العملية أكثر من ما مضى، فلن يكون ذلك في مصلحة الشعب الكردستاني، وستكون له نتائجه السلبية التي ستؤثر على مصير الشعب، ولذلك، الآن هو الوقت المناسب لإجراء الاستفتاء)

أثارت هذه الجملة للسيد بارزاني الكثير من الأسئلة في خاطري واستوقفتني كثيراً لما فيها من المتناقضات في الحديث السياسي وفي التايخ الكردي نفسه، فهو عن أي شعب كردستاني يتحدث؟ عن المتواجدين في شمال العراق دون الأكراد الأخرين المتواجدين في دول أخرى كما صرح في أحد مقابلاته التلفزيونية، وهذا يعني أننا أمام فكرة جديدة وهي إمكانية إنشاء دويلات كردية هنا وهناك مما يعني انتهاء فكرة الدولة الكردية الكبرى والشعب الكردي الواحد تلقائياً، وبالتالي كل الأكراد الأخرون سيعتبرون غرباء بالنسبة لدولة البرزاني(في حال التصويت بنعم) و أن احتمال الإشتباك مع الأحزاب السياسية ذات الفكر المغاير والمعارض له واردة جداً فهل نحن أما حرب كردية كردية؟

أما عن الوقت المناسب فـ عن أي وقت مناسب والمنطقة برمتها على صفيح ساخن، فالعراق يتجه نحو الأسوء والحرب الدائرة فيه منذ عدة سنوات تزيد في مشاكله وعدم استقراره وفي نفس الوقت تزيد من خصوم البرزاني، ابتداءً من حزب العمال الكردستاني المتربص في شمال العراق وهو على خصام عقدي وفكري مع البرزاني وصولاً لتظيم الدولة الذي ينتظر أي فرصة مناسبة لضرب دوائر الإقليم كما فعل من قبل عبر خلاياه النائمة، إضافة إلى إيران التي تريد أن تسحوذ على شمال العراق بعد أن استطاعت أن تبسط نفوذها على بغداد التي بدورها رفضت الاستفتاء ولوحت باستخدام القوة وطبعاً هذه القوة ستكون من الحشد الشعبي صاحب التوجه السياسي والفكري والعقدي المعروف مما يثير تخوفات حقيقة من حرب أهلية،

 عن أي وقت مناسب وسوريا تشهد حرباً داخلية (وإن خفت وتيرتها) والأكراد (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) في الشمال السوري يسعون لإنشاء إدارتهم الخاصة والتي تتناقض بكل التفاصيل مع إقليم شمال العراق فوحدات حماية الشعب الكردية تُعتبر الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يعتبر البرزاني عدواً له، أضف على ذلك أنهم مدعومون من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وهذا مؤشر يجب أن يُقلق البرزاني لا يُطمئنه، عن أي وقت مناسب والحليف الأقوى لبرزاني وهي تركيا والتي تقترب بشكل هادئ مع إيران وروسيا وتبتعد بنفس الوتيره عن الولايات المتحدة الأمريكية،وما الإعلان المفاجئ عن مناورات عسكرية للجيش التركي على حدوده مع العراق إلا رسالة واضحة بأن الصداقة قد تنتهي في حال الاستمرار قدماً نحو الإستفتاء وهذا ما أوضحه الرئيس أردوغان في رسالته لبرزاني قبل أيام، ولعل صورة القرار التركي ستتضح بشكل أكبر بعد اجتماع الأمن القومي المصغر في الثاني والعشرين من هذا الشهر أي قبل الاستفتاء بثلاثة أيام.

لا شك أن للأكراد حقهم في اجراء استفتاء يحدد ما يريدون لكن قبل الاستفتاء لا بد من تهئية الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المناسبة لهذا الاستفتاء، فلا يمكن مقارنة استفتاء شمال العراق بالاستفتاء الذي حصل في اسكتلندا أو الذي سيحصل في برشلونة إسبانية فما يجري الأن هو عبارة عن فوضى مشاعر تُستخدم لأهداف حزبية، وأخيراً القارئ للتاريخ الكردي يجد أن الأكراد كانوا أكثر قوة عند اتحادهم مع أخوتهم العرب والترك فمن منّا يستطيع أن ينسى صلاح الدين الأيوبي محرر القدس الذي أصبح شعاراً ورمزاً للبطولة عند كل العرب والأتراك والمسلمين أجمعين.

عن الكاتب

فراس رضوان أوغلو

دبلوم تاريخ في العلاقات السياسية في القرن الثامن عشر، كاتب ومحلل سياسي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس