ترك برس

أكدت شركة "مارين ترافيك" للملاحة أنه يجري في الوقت الراهن وضع أنابيب الغاز في مشروع "التيار التركي" بالتوازي. كما أفادت "بيونيرينغ سبيريت" أنه تم وضع خط الأنابيب الأول وصولا إلى المنطقة الاقتصادية في تركيا. ولاحقا، عادت أكبر سفينة في العالم إلى منطقة نوفورسيسك الروسية وبقيت هناك لبعض الوقت. كما بدأت "بيونيرينغ سبريت" بوضع خط أنابيب ثانٍ في المياه العميقة، حسبما ذكرت صحيفة أوراسيا ديلي في تقرير لها.

وفي وقت سابق، تم بناء جزء من خط الأنابيب يصل طوله إلى 10 كيلومترات ويمتد على طول الساحل، من قبل سفينة أخرى تابعة لشركة "ألزاس أوداسيا" السويسرية. وفي الأثناء، تأخذ الريادة "بيونيرينغ سبيريت" لتضع 30 كلم من خط الأنابيب وصولا إلى غيلينجيك الروسية. وبالنظر إلى موقعها، فبإمكانها أن تضع 30 كلم من خط الأنابيب في عمق البحر. وبالتالي، يبلغ الطول الإجمالي للخط الأنابيب، الذي سيتم مده، إلى أكثر من 50 كلم أي أكثر من 5 بالمئة من إجمالي طول الأنبوب.

إلى جانب بيونيرينغ سبيريت، تحتل اليوم الألمانية "بوسغير 30" و"بوسغير 21" مراتب ريادية، علاوة على سفينة الإمداد الهولندية "سيم سبيرفيش" وناقلات "ديجكسغرات" و"إدامغراشت". ووفقا "لمارين ترافيك"، وصلت مؤخرا السفينة البلغارية التي تقوم بتخزين الأنابيب المشتراة.

حسب وسائل الإعلام الروسية، يعزى سبب عودة "بيونيرينغ سبيريت" إلى أنها اضطرت للتوقف عن العمل نتيجة الضغوط التي واجهتها من الشركة السويسرية المالكة ألزاس، ناهيك عن التهديدات الموجهة إليها حول فرض العقوبات، إلا أن هذه المعلومات لم يتم تأكيدها رسميا. من ناحية أخرى، تصل ناقلات البضائع البلغارية مع أنابيب من بلغاريا، ما يؤكد أن أغلب المعدات من بلغاريا.

في إطار تسريع أشغال مشروع "التيار التركي"، من الضروري توفير المزيد من التمويل. وتجدر الإشارة إلى أنه تم مراجعة الميزانية وبرنامج الاستثمار لسنة 2017، ما دفع "غازبروم" لإرسال 50 مليار روبل لتمويل خط الأنابيب في البحر الأسود. والمثير للاهتمام، أن الميزانية العامة للمشروع تمثل 41,92 مليار دولار.

ويعتقد أحد المحللين الرئيسيين لصندوق الأمن القومي للطاقة، إيغور يوشكوف، أن الزيادة في حجم تكاليف تنفيذ مشروع "التيار التركي تعود إلى رغبة شركة "غازبروم" في تحقيق أكبر تقدم ممكن في أسرع وقت في إطار بناء أنابيب الغاز من روسيا إلى أوروبا.

في سياق متصل، مرر الكونغرس الأمريكي مؤخرا قانونا يمنح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحق في فرض عقوبات جديدة على روسيا. كما تؤكد الوثيقة أنه من بين هذه العقوبات فرض الحظر على جميع الشركات الأمريكية وغير الأمريكية في كافة أنحاء العالم تمويل خطوط أنابيب الغاز الجديدة من روسيا إلى أوروبا. وعلى الرغم من أن هذه العقوبات لم تدخل حيز التنفيذ بعد، إلا أنه من المتوقع أن تجبر القوى السياسية الأمريكية ترامب على توقيع هذه الوثائق حتى تصبح هذه القيود سارية المفعول.

بناء على ذلك، تحاول "غازبروم" التحضير لهذا الحدث عن طريق تعزيز مشاريعها بشكل كبير. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن تطبيق العقوبات على مشروعي "التيار التركي" و"التيار الشمالي- 2". لذلك، تعاقدت "غازبروم" مع حاملات الأنابيب وقامت بشراء الأنابيب الكافية لتوضع في البحر الأسود. وبالتالي، سيسمح ذلك "لغازبروم" بأن تقول أن كلا المشروعين قديمان، مما يعني أنه لا يمكن أن تطبق العقوبات عليهما.

على هذا الأساس، تندرج خطة الزيادة في تمويل التيار التركي ضمن محاولة التهرب من العقوبات التي من الممكن أن تسلط عليها. بالإضافة إلى ذلك، ستحاول منع العقوبات على جميع شركات تمويل بناء خطوط أنابيب الغاز من روسيا. وفي الواقع، ستكون الولايات المتحدة قادرة على فرض غرامة مالية على "غازبروم"، ومن أجل ذلك تحاول الشركة تخصيص أكبر قدر من الأموال للإسراع في بناء مشروع "التيار التركي".

في غرة أيلول/ سبتمبر، أفادت وسائل الإعلام الروسية بأن بناء خط الأنابيب "التيار التركي" على الأراضي الروسية ومياهها يكاد يكتمل. ووفقا لبوابة الملاحة البحرية "مارين يترافيك"، كانت "بيونيرينغ سبيريت" على الحدود  مع المنطقة الاقتصادية في تركيا. وبفضل هذا التقارب، حققت تقدما كبيرا خلال ثلاث أيام، حيث وضعت إلى حد الآن بين 190 و200 كيلومتر في خط الأنابيب الأول مع بداية شهر أيلول/ سبتمبر. وفي نهاية شهر حزيران/ يونيو، أكد رئيس شركة "غازبروم"، أليكسي ميلر، أنه "سيتم بناء خط التيار التركي الأول في آذار/ مارس من العام المقبل والثاني سينتهي سنة 2019".

في هذا الصدد، يذكر أن العمل على بناء خط أنابيب الغاز كان أسرع مما توقعه الطرفان خلال الاتفاق عليه. وقد أكد أليكسي ميلر في مطلع أيلول/ سبتمبر أنه تم وضع 220 كلم من خط الأنابيب الأول. أما الخط الثاني فقد تم تركيز 20-30 كيلومترا منه في المياه الضحلة.

تبعا لهذه المعطيات، سيضمن خط أنابيب الغاز "التيار التركي" توفير 32 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ليتم بذلك التخلي عن خدمات أوكرانيا. وسيوفر الخط الأول تدفق 12 مليار متر مكعب إلى السوق المحلية التركية، وأربعة مليارات متر مكعب ستتجه نحو "الممر الجنوبي للغاز" من أذربيجان إلى اليونان وإيطاليا.

أما الخط الثاني من مشروع التيار التركي، فسيقوم بتزويد أوروبا باحتياجاتها من الغاز. وفي شباط/ فبراير الماضي، وقعت "غازبروم" مذكرة تفاهم مع "أديسون سبا" و"ديبا سا" حول إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى اليونان ومن اليونان إلى إيطاليا، كما ثمة خيار آخر بتدفق الغاز الروسي عبر بلغاريا.

وفقا لرئيس شركة "غازبروم"، ينمو الطلب على الغاز الروسي في جنوب وجنوب شرق أوروبا بسرعة كبيرة. ووفقا لما أكده أليكسي ميلر سابقا فإنه "في بلدان هذه المنطقة، تعد معدلات النمو مثيرة للإعجاب حقا؛ ففي تركيا بلغ معدل الزيادة في الطلب ما يقرب 26 بالمائة، وفي اليونان 12 بالمئة، أما في بلغاريا 14 بالمئة، وفي المجر 31 بالمئة، وفي صربيا 47 بالمئة وفي النمسا 77,5 بالمئة".

في شأن ذي صلة، تم وضع خط أنابيب الغاز في البحر الأسود من روسيا إلى تركيا – ضمن مشروع "التيار الأزرق"، الذي قامت ببنائه "غازبروم" سنة 2002. ويساهم هذا الخط في تدفق 13 مليار متر مكعب من الغاز.  والمثير للاهتمام أن مشروع "التيار التركي" يمثل ضربة قاسية لأوكرانيا. فبالنسبة لها، سيكون لهذا المشروع تأثير سلبي عليها، إذ أن مرور 15 مليار متر مكعب من أصل 70 متر مكعب هو خسارة مالية فادحة.

ولعل هذا ما أكده رئيس "نفتوغاز الأوكرانية"، أندريه كوبولوف، في مقابلة له مع وسائل إعلام أوكرانية، الذي قال "بسبب "التيار التركي" لن تكون هناك حاجة لفرع  جنوبي لنقل الغاز إلى البلقان وتركيا. وفي الوقت الراهن، تتلقى أوكرانيا حوالي 2 مليار دولار سنويا مقابل عبور الغاز الروسي. وبناء "نورد ستريم 2" و"التيار التركي" سيقلل من حجم الإيرادات بنسبة خمسة أضعاف. وفي هذا الصدد، تخطط "غازبروم" لخفض عبور الغاز عبر أوكرانيا ليصل إلى 15 متر مكعب سنويا فقط.

ولكن، من جهة أخرى قد يقع مشروع "التيار التركي" ضحية للعقوبات الجديدة ضد روسيا، بعد القانون الأخير الذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبالنسبة للأمريكيين، يحظر على الشركات الأجنبية الاستثمار أو توفير الخدمات لمشاريع خطوط أنابيب الغاز الروسية، وسيتم بناء مشروع "التيار التركي" بواسطة شركات أجنبية على غرار شركة ألزاس السويسرية. علاوة على ذلك، تقدر تكلفة الشحن بمبلغ يتراوح بين 250 و300 ألف يورو يوميا، كما أن هذه الشركات تعرض نفسها لعقوبات محتملة من قبل الولايات المتحدة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!