هاكان جليك – صحيفة بوسطا – ترجمة وتحرير ترك برس

على الرغم من كل التحذيرات، أجرت حكومة إقليم شمال العراق استفتاء الانفصال لتفتح بذلك "صندق باندورا".

من يعتبرون الاستفتاء خال من المخاطر، وحتى أمر طبيعي يقولون: "ما الذي حدث لتضخيم الأمر إلى هذا الحد؟"، لكن القضية ليست بتلك البساطة.

الشرق الأوسط يكتوي منذ عشرات السنين بنيران مشتعلة في مختلف مناطقه. الجميع فيه أصبحوا أعداء لبعضهم البعض. هناك اقتتال ودماء تراق ودموع تنهمر في كل مكان. 

جو ثقيل من عدم الثقة والخلافات، ونظرات من الشك والريبة يتبادلها الأتراك والأكراد والعرب والسنة والشيعة فيما بينهم.

ليس بمقدور المنطقة أن تتحمل توترًا جديدًا. ترى حكومة الإقليم وتدرك كل هذه الحقائق، ، ومع ذلك جازفت بالمقامرة وتوجهت إلى الاستفتاء. 

البلد الوحيد الذي أعلن دعمه الصريح للاستفتاء هو إسرائيل. أعلنت الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية أنها لا تعتبر إجراء الاستفتاء أمرًا صائبًا، وطالبت بتأجيله. 

خطوة حكومة الإقليم هذه ستزيد من تفاقم عدم الاستقرار والفوضى في المنطقة. 

المسألة الرئيسية هي أن العراق وسوريا وتركيا وإيران تشعر بالقلق من تقسيم أراضيها وتأسيس دولة كردية عليها. 

وفي الواقع، تعترف البلدان الأربعة المذكورة بحقيقة الوجود الكردي على أراضيها. وكل بلد منها يحدد حقوق وحريات الأكراد في إطار دستوره وقوانينه. 

وفي الآونة الأخيرة توسعت حقوق الأكراد الديمقراطية في تركيا مع انطلاق مسيرة السلام الداخلي. لا أحد يعترض على مطالبتهم بحقوقهم وطلباتهم الديمقراطية، إنما المشكلة هي في اللجوء إلى العمل المسلح. 

قُتل الآلاف في تركيا وحدها بسبب الهجمات التي نفذها حزب العمال الكردستاني الانفصالي على مدى أعوام. 

كل دولة في أي منطقة من العالم ملزمة بحماية أرضها ومواطنيها. تعتبر دول الجوار أن حملة حكومة الإقليم تنطوي على أخطار كبيرة، وبناء عليه تكون ردود أفعالها مختلفة. والاحتمال الأكبر أن تنفذ طهران وبغداد عملية عسكرية ضد شمال العراق.

أعتقد أن تركيا في هذه المرحلة يمكن أن تشارك بعمل محدود يقتصر على عملية أو اثنتين ضد نقاط معينة. ولا أتوقع أن تقوم بعملية عسكرية واسعة النطاق.

لكن أنقرة سوف تتخذ بالتأكيد تدابير مؤثرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وهذا ما لمسنا مؤشرات أولية عنه أمس.

وبالعودة إلى جبهة زعيم إقليم شمال العراق، مسعود بارزاني، فقد أقدم على حملة الاستفتاء وهو يفكر بالوضع الفوضوي والضعيف للإقليم. اعتقد أنه لن يجد فرصة سانحة كهذه مرة أخرى، وأراد أن يسجل اسمه على صفحات التاريخ.

بيد أنه لم يضع في حسبانه المستجدات المحتملة التي ستعقب الاستفتاء، وهذه هي المسألة الرئيسية. فرعونة حكومة إقليم شمال العراق سيدفع ثمنها جميع الشعوب التي تعيش في الشرق الأوسط.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس