نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

يتواصل الجدل حول فكرة الدولة الكردية المستقلة في شمال العراق بكل زخمه، وتحتل التصريحات والزيارات واستعراض العضلات صدارة الأجندة. غير أن أحداثًا هامة، تفوت المتابعين، تدور في سوريا التي تملك ارتباطات عضوية بما يدور في شمال العراق. 

مع ظهور بوادر انتهاء الحرب في سوريا، تشهد ضفتا نهر الفرات حشودا ملفتة للانتباه. فمن جهة حزب الاتحاد الديمقراطي ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا المدعوم أمريكيًّا، ومن جهة أخرى نظام الأسد المدعوم روسيًّا وإيرانيًّا. 

ولن نكون مبالغين إذا قلنا إن الأجندة خلال الأشهر القادمة ستتحول من الصراع بين العناصرالعربية في سوريا إلى العلاقات بين حزب الاتحاد الديمقراطي، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، ونظام الأسد.

سيطرة تركيا على حدودها مع سوريا أسهل مقارنة مع العراق. فاتمام الجدار الحدودي سيكون عاملًا يحد من عبور الحدود. غير أن كثرة الفاعلين على الجانب الآخر منها، وحجم وجودهم، وعلاقات المصالح تبدو أكثر تعقيدًا من العراق.

على سبيل المثال، التطورات السياسية في إقليم شمال العراق أهم بالنسبة لإيران من المستجدات المتعلقة بحزب العمال الكردستاني في سوريا. وتبدو المنافسة الأمريكية الروسية في سوريا أقل حدة في العراق. أما وضع حزب العمال الكردستاني في سوريا فيختلف عما هو عليه في العراق، ويتغير بسرعة.

وتعمل روسيا والأسد من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى على استمالة الأكراد لصالحها في مسعى لتقوية مواقعها في المشهد المنتظر أن يتمخض عنه ما بعد الحرب بين العناصر العربية المستمرة في سوريا.

تتواصل العلاقات بين روسيا والنظام السوري مع حزب العمال منذ سبعيات القرن الماضي، وهذا التعاون استهدف تركيا في معظم الأحيان. وبجب ألا ننسى أيضًا دور إيران وتحالفاتها. 

يمكننا الحديث عن ثلاثة عوامل هامة ستحدد مصير حزب العمال الكردستاني في سوريا. أولًا، المنافسة الأمريكية- الروسية في سوريا. ثانيًا، الدور الذي يمكن أن تمنحه روسيا للحزب في النموذج السياسي الجديد الذي سيحمي مصالحها في سوريا. ثالثًا، التوازن الذي قد يسعى النظام إلى تحقيقه في مواجهة المعارضة عن طريق حزب العمال الكردستاني. 

إذا استمرت المنافسة بين الولايات المتحدة وروسيا فإن الأولى ستدعم حزب العمال، ما سيشجعه على أن يكون قوة في سوريا. ولأن روسيا تقرأ بشكل جيد هذا المشهد ستواصل بدورها علاقاتها مع الحزب.

ومن خلال تصريحه بإمكانية التفاوض على حكم ذاتي مع الأكراد، يهدف وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى اقتراح دور جديد لحزب العمال الكردستاني في المنافسة بين روسيا والولايات المتحدة، وإلى البحث عن حليف في التوازن الداخلي، فضلًا عن توجيه تهديد مبطن لتركيا. 

ومن جهة أخرى، بينما يواصل حزب العمال تعاونه مع الولايات المتحدة، يخشى في الوقت نفسه من انقطاع علاقاته معها. فعقب زيارة مسؤولين أمريكيين إلى تركيا وتشكل فكرة الفصل بين أكراد سوريا وحزب العمال، يبدو أن الحزب سارع إلى التصرف. فبينما أجرى انتخابات في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا بالتوازي مع الاستفتاء بشمال العراق، عمد إلى تغيير "زعمائه" المحليين.

أرسل الحزب أكثر من 20 قياديًّا سوريًّا إلى معسكرات قنديل حيث خضعوا لدورة إيديولوجية. وبعد ذلك عزل رئيسي حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم وآسيا عبد الله، اللذين يبدوان أكثر ديمقراطية وشعبية، واستبدلهما بقياديين أكثر تصلبًا.

كل ذلك يشير إلى أننا على أعتاب مستجدات خطيرة في سوريا، بينما العالم مشغول بالعراق. 

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس