حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

تمرّ مسيرة المصالحة الوطنيّة بمرحلةٍ حسّاسة جداً. فعلى الرّغم من مباشرة اللقاءات بين الأطراف من جديد، إلّا أنّ هناك بطءًا ملاحظ في عمليّة التّقدّم نحو إنهاء هذه المصالحة.

وهذا البطئ بطبيعة الحال ينعكس سلباً على القائمين بتسيير أمور هذه المسألة. كما يولّد نوعاً من اليأس لدى المجتمعين التركي والكردي من دون أن تنتبه القيادات إلى هذا الشّعور المتولّد لدى الطّبقة الشّعبية في تركيا.

نلاحظ ممّا سبق أنّه لا يوجد تحليل منطقي وعقلاني لما يدور الآن بين الحكومة والحركات السياسية الكرديّة. فترى الأطراف متّفقين وراء الكواليس على نقاط معيّنة، إلّا أنّ التّصريحات التي يطلقونها خارج غرف الاجتماعات تدعو إلى الاستغراق والشّبهة في مصداقيّة كل طرف.

أعتقد أنّه حان الأوان لكلا الطّرفين أن يعلنوا بشكلٍ واضحٍ وصريح حقيقة ما يدور خلف الكواليس. لأنّ هناك فرقاً كبيراً بين ما يتمّ الاتّفاق عليه داخل غرف الاجتماعات والتّصريحات التي يطلقونها في الخارج.

وإذا ما أردنا أن نلخّص ما تمّ إنجازه في هذا الصّدد بجملة واحدة، يمكننا أن نقول إنّ المرحلة تتلخّص بجملة "أن تعبر البحر وتغرق في النّهر". عندما تلتقي الأطراف المتحاورة، تجد كلاهما يقول إنّ مسيرة المصالحة الوطنيّة وصلت إلى نقطةٍ لا يمكن الرّجوع عنها إلى الوراء والبدء من نقطة الصّفر. حتّى أنّهم يذهبون إلى أبعد من ذلك ليقولوا إنّ ثلث الطّريق المؤدّي إلى نهاية العمليّة قد تمّ تجاوزه. لكن التّصريحات المُعلنة من قبل الطّرفين لا توحي بهذا أبداً. ولا أستند في هذه الملاحظات على الرّقابة السياسيّة بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشّعوب الدّيمقراطي فقط.

في نهاية الأسبوع الماضي، التقيت أحد أهمّ الشّخصيّات الحكومية المشرفة على سير عمليّة المصالحة الوطنية. حيث قال لي بأن الخطوات القادمة ستكون أكثر شفافيّة وعلنيّة، وأنّ الرجوع إلى نقطة البداية ربّما يولّد نتائج غير متوقّعة في هذا الصّدد. كما أوضح لي هذا الشّخص بأنّ سير العمليّة بعد الآن سيكون أكثر مشقّةً وصعوبة. وعلّل ذلك بأنّ الخطوات الجديدة ستكون شفّافة ومُعلنة للمجتمعين التركي والكردي.

وهنا يالذات يتبادر إلى أذهاننا السّؤال التّالي: لماذا لم نستطع أن نتجاوز الصّعوبات على الرّغم من كلّ ما تمّ إنجازه حتّى الآن؟

الحقيقة أنّنا لم نستطع أن نجد جواباً مقنعاً لهذا السّؤال. والواضح أنّ الأطراف متّفقون على الإطار الاستراتيجي العام، إلّا أنّ هناك اختلافات في المحادثات والتوقيت الزّمني لسير العمليّة. والأهمّ من كل هذا أنّ الوقت يمضي بسرعةٍ دون إنجاز المطلوب في هذا الصّدد.

ولو ألقينا نظرة على مجريات الأحداث في الماضي، لاستطعنا أن نستنتج أنّ هناك مشكلة تجري الآن بين الأطراف المتحاورة. وأعتقد أنّ من المفيد تذكير القائمين على أمور المصالحة الوطنيّة، بالأخطاء التي ارتُكبت في الماضي. فقبل خمس سنين من الآن كان الأطراف يتخلفون حول موضوع أبعاد نافذة سجن عبد الله أوجلان. وكذلك كانوا يختلفون حول مسألة إدخال جهاز الرّاديو إلى حجرته مثلاً.

دعونا نفكّر قليلاً الآن.....

كيف يمكن لطول وعرض نافذة عبد الله أوجلان أو لجهاز الرّاديو أن يكون حلاً للمسألة الكرديّة أو أن يؤثّر على وحدة الأراضي التركيّة مثلاً. فمثل هذه النّقاشات لا يمكن أن يقال عنها إلّا أنّها تأتي في إطار العمى الإداري.

واليوم نجد أن مثل هذه الأخطاء تتكرّر. وعلى الرّغم من أنّها مسائل فرعيّة، إلّا أنّها تؤثر في سير العمليّة.

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس