ترك برس

دعا محلل أمريكي بارز إدارة الرئيس ترامب إلى التدخل لمنع وقوع كارثة في إقليم شمال العراق الذي أعلن استقلاله عن العراق، إذا نفذت تركيا وإيران تهديداتها الاقتصادية والعسكرية، مشيرا إلى أن بمقدور الولايات المتحدة القيام بمبادرة دبلوماسية دولية لإيجاد حل توافقي للأزمة.

وقال جون حنا وهو زميل كبير في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن التوترات بين حكومة الإقليم وأقوى جيرانها - تركيا وإيران والعراق - ستتصاعد بشكل خطير، حيث أغلقت الدول الثلاث المجال الجوي للإقليم، ويمكن أن تتعرض التجارة الأساسية للإقليم، بما في ذلك خط أنابيب النفط إلى تركيا الذي يمثل الغالبية العظمى من إيرادات حكومة الإقليم، للتهديد.

وأضاف حنا في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست أن مخاطر الاشتباكات العسكرية بين الأكراد وجيرانهم ستزداد كلما تأججت المشاعر القومية والمواقف من جميع الأطراف. ومما يبعث على القلق من احتمال أن تسعى الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق إلى الحصول على ميزة سياسية من خلال تحدي السيطرة الكردية في مدينة كركوك الغنية بالنفط والمختلطة عرقيا والأراضي المتنازع عليها الأخرى التي تطالب بها الحكومة المركزية في بغداد.

ولفت إلى إن جميع هذه التهديدات تقريبا بدأت تتحقق، وردود الفعل الإقليمية تبعث على القلق، بعد أن أغلق العراق المجال الجوي أمام حركة المرور المدنية الدولية إلى إقليم شمال العراق. وقد امتثلت شركات الطيران الأجنبية بالإجماع. كما يستعد العراق لإقامة مواقع داخل الأراضي التركية والإيرانية للاستيلاء على معابر الحدود في الإقليم. ويضغط البرلمان العراقي على رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لإرسال الجيش لمواجهة البيشمركة الكردية في كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها. كما دعا العراق الحكومات الأجنبية إلى إغلاق بعثاتها الدبلوماسية في الإقليم وطالب بمقاضاة القادة الأكراد المسؤولين عن الاستفتاء بمن فيهم رئيس الإقليم مسعود بارزاني.

من جهته اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بارزاني "بالخيانة" وهدد بإغلاق الحدود التركية مع حكومة الإقليم بما في ذلك خط أنابيب النفط، وحذر الأكراد صراحة من أن القوات التركية "يمكن أن تدخل فجأة في ليلة واحدة". وبدأت قوات تركية عراقية مشتركة تدريبات على حدود الإقليم. أما بالنسبة لإيران، فقد أغلقت مجالها الجوي أمام الإقليم، وتخطط لتدريبات مشتركة مع الجيش العراقي.

واتهم المحلل الأمريكي قيادة حكومة الإقليم بتجاهل المعارضة الأمريكية للاستفتاء، وهو ما أدى إلى إشعال أزمة تهدد الآن المصالح الأمريكية المهمة. غير أن المزيد من التصعيد لن يضمن إلا تضخيم الأضرار المتعددة، مع ما قد يترتب على ذلك من نتائج كارثية ستلحق بشريك كبير للولايات المتحدة لصالح قوى أقل تعاطفا مع المصالح الأمريكية، وذلك في إشارة إلى تركيا وإيران.

وحول رد الفعل الأمريكي إزاء التهديدات التي أطلقتها الدول الإقليمية تجاه الإقليم أشار حنا إلى التصريح الذي أصدره وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، يوم الجمعة الماضي، الذي دعا فيه إلى الهدوء ووقف التهديدات باستخدام القوة أو التلويح بها من جميع الأطراف. واختتم  تيلرسون تصريحه بتشجيع "جميع الأطراف على المشاركة البناءة في حوار لتحسين مستقبل جميع العراقيين".

ووفقا لحنا فإن الولايات المتحدة ستفقد الكثير إذا ظلت في انتظار بدء الحوار، في وقت ترتفع فيه احتمالات استمرار الأزمة وتفاقمها بل وتحولها إلى العنف.

وختم حنا مقاله بأن على الإدارة أن تواصل الهجوم الدبلوماسي في محاولة لتهدئة الوضع، وعلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووزير الخارجية تيلرسون ووزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي ماكماستر أن يعملوا مع زعماء المنطقة، ويحثوا على الوقف الفوري للخطاب والتصرفات التصعيدية، والحوار الفوري.

وأضاف أن الولايات المتحدة يمكنها أن تكون الوسيط الوحيد لعملية دبلوماسية، أو أن تقوم بتعبئة مكتب الأمين العام للأمم المتحدة لتولي زمام المبادرة بدعم من أعضاء مجلس الأمن الدائمين الذين يتمتعون جميعا بعلاقات سياسية واقتصادية كبيرة مع الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم شمال العراق.

ورأى حنا أن المهمة العاجلة التي تواجه واشنطن تتمثل في العمل على الحد من تصاعد التوتر الخطير في الوقت الحالي قبل إن يخرج عن نطاق السيطرة، ويمكن لمبادرة دبلوماسية رفيعة المستوى تدعمها القوى الكبرى في العالم أن تعطي الأطراف المبرر الذي تحتاج إليه للتوقف عن التصعيد والتراجع عن حافة الهاوية، والبدء في استكشاف الخيارات المتعلقة بكيفية تجاوز الأزمة المباشرة الناجمة عن الاستفتاء.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!