حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

إذا أردنا تجميد أو عكس مسار بحث برازاني عن الاستقلال فهناك فرصة حاسمة لفعل ذلك ولا سيما أنّ برازاني لم يحصل على الدعم الكامل من أمريكا. إذ كان الدعم الأمريكي لبرازاني سيؤدي إلى تصعيب مهمة الوقوف في وجه بحث برازاني عن الاستقلال بالنسبة إلى تركيا والدول الإقليمية الأخرى في المنطقة. لكن أمريكا لم تعد طرفاً في هذا المشروع بشكل مباشر. سيتحدد الموقف الأمريكي بناء على مجرى الأحداث. يتيح هذا الفراغ الموجود فرصة لتوسيع مجال التحرك أمام إيران والعراق وتركيا. إذا تمكنت هذه الدول من تشكيل تحالف ثلاثي في هذا الخصوص سيؤدي ذلك إلى جعل برازاني يجلس مكتفاً دون أي تقدم. هناك تدابير فورية تتبادر إلى العقول، على سبيل المثال يمكن لتركيا وإيران إغلاق المعابر الحدودية لقطع تدفق التجارة التي تصل إلى 9 مليار دولار عن شمال العراق. والأهم من ذلك هو أن إغلاق برازاني لأنابيب النفط عن تركيا سيؤدي إلى خسارته لدخل يقدّر ب 7 مليار دولار سنوياً.

عند النظر إلى أن دخل شمال العراق يقارب 10 مليار دولار سنوياً يمكننا إدراك أن خسارة 7 مليار دولار سيكون كافياً لدفع برازاني إلى الاستسلام، وفي الوقت نفسه يعدّ بقاء إيران والعراق وتركيا على تواصل خلال اتخاذ هذه الخطوات أمراً هاماً للغاية. لذلك من الضروري أن تتوصل هذه الدول الثلاث إلى اتفاق فيما بينها فيما يخص بعض المسائل بعينها. سيؤدي مثل هذا الاتفاق إلى إنهاء الشعور بعدم الثقة المتبادل بين هذه الدول، ورؤية برازاني لمدى خطورة المسألة. كذلك يجب أن تكون أي احتياطات عسكرية متخذة ضمن إطار تواصل بين هذا الاتفاق الثلاثي. ستؤدي أي عملية عسكرية لا تشمل هذا الاتفاق الثلاثي إلى خلق صورة الاحتلال أو بقاء الدولة التي تقود عملية عسكرية بشكل فردي وحيدةً. بينما سيؤدي وضع هذا الاتفاق الثلاثي ضمن آلية مؤسساتية معينة إلى زيادة كفاءة وشرعية الاتفاق المذكور.

ولكن كل هذه القصة تجري في إطار عدم تدخل أمريكا في مجرى الأمور. لكن يمكن أن يزداد دعم أمريكا لبرازاني كلما ازدادت الأمور سوءا بالنسبة إلى برازاني. على وجه أدق، قد يتغير موقف واشنطن تجاه إيران والعراق وتركيا لأنها لن تكون مسرورة بوجود احتمال إطاحة هذا الاتفاق الثلاثي ببرازاني.

في مثل هذه الأوضاع لا يمكن توقع نزول أمريكا إلى الساحة بشكل مباشر.

عند النظر إلى عدم نزول أمريكا إلى الساحة حتى في سوريا يتوضح أن النزول إلى شمال العراق سيكون أكثر صعوبةً بالنسبة إليها. لكن من المؤكد أنها ستحاول إجراء تدخل دبلوماسي عند شعورها بأن الأمور تضيق على برازاني. وسيتمثل هذا التدخل في دفع بغداد وأربيل إلى الجلوس على طاولة المفاوضات. وقد تضغط أمريكا على كلا الطرفين لدفعهم إلى المبادرة في إيجاد حل لجميع المسائل التي لم تجد لها حلولاً إلى الآن. على سبيل المثال قد تصبح حتى قضية كركوك ضمن جدول أعمال المفاوضات. كما يمكن المطالبة بكركوك مقابل التنازل عن الاستقلال.

إن فتح المجال أمام هذا النوع من المفاوضات يعني عودة الأمور إلى سيطرة أمريكا مما يؤدي إلى أن يصبح دور تركيا وإيران في مجرى الأحداث ثانوياً، كذلك سيؤدي إلى ضياع الفرصة التي تولدت نتيجة الغياب الأمريكي عن مسار هذه المسألة. يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقوف في وجه حدوث ذلك.

أولا وقبل كل شيء يجب القيام بما يجب فعله بأسرع وقت ممكن، وتقصير وقت ردود الفعل التي ستظهرها أمريكا إلى أقصى حد ممكن.

والأهم من ذلك يجب أن توضع الاتفاقات المعين التوصل إليها مع العراق على أساس متين. لن يكون اتفاق متوصل إليه خلف الأبواب المغلقة كافيا لحل هذه المسألة. يمكن لتركيا وإيران والعراق التوقيع على اتفاقية تنص على ضمان التفكير المشترك في خصوص الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية. إن الحصول على مثل هذه الاتفاقية ليس بالأمر السهل، لكن يصبح هناك احتمال كبير يتيح لهذه الأطراف فرصة التوصل إلى اتفاق في خصوص بعض المسائل الملموسة بالاستفادة من غياب أمريكا.

هذه المسائل الملموسة هي: وحدة الأراضي العراقية ومكافحة بي كي كي ومركز كركوك. إن الوصول إلى حل مشترك واكتساب الضمان في خصوص هذه المسائل الثلاث يعتبر أفضل من ترك زمام المبادرة تحت تصرف أمريكا. يمكن لتركيا أن تبدأ بمرحلة جديدة في العراق بالاتفاق مع إيران كما فعلت في سوريا بالاتفاق مع روسيا.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس