خير الدين قرمان - يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) البقرة: 2/120

يحذر الله تعالى في هذه الآية رسوله، وهو الرسول المعصوم الذي حفظه الله من المعاصي والذنوب، ولكن مع ذلك فهو يحذره. والآيات التي تحتوي على مثل هذا التحذير عديدة: 8/28، 38/26، 42/15...

ونفهم من ذلك الآتي: إن تحذير شخص ما لا يعني أن ذلك الشخص مذنب أو أنه قد وقع في الخطأ.

تحدثت في المقال التحذيري الذي عنونته "الامتحان الأخلاقي لحزب العدالة والتنمية" عن أنه ككل حزب سياسي فإنه يمكن أن يكون من ضمن المنتسبين لهذا الحزب أيضاً من يدعون أنهم دخلو هذا العمل للخدمة، إلا أن قسماً منهم يمكن أن يكون له مقاصد سيئة ويمكن أن يسعى وراء مصالحه الشخصية غير المشروعة وقد حدث ذلك، ولم أتستر على أخطاء هؤلاء المسيئين، وتحدثت أيضاً عن أن ذلك أضر بصورة الأحزاب الأخرى وأن ذلك استخدم ضدها أيضاً، وقد طلبت أن يتم التخلص منهم.

وقد أوصيت الأشخاص الذين يريدون أن يستعملوا مقالتي للإساءة إلى الحزب بشكل عام أو إلى الأشخاص الطيبين فيه أن ينظروا إلى أخطائهم أولاً.

وأريد أن أنوه إلى أنني بالرغم من حبي وتأييدي لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية المحترمين، إلا أنني لو كنت أظن أنهم أخطؤوا لانتقدتهم وحذرتهم دون أي تَوَان، ولكن قصدي لن يكون الهدم وإنما الإصلاح.

جاء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بعد أن أعلن أنه سيحارب الممنوعات والفقر والفساد. فيما يخص الممنوعات فقد قطع طريقاً طويلاً. فيما يخص الفقر فإنه هناك الكثير لفعله. أما فيما يخص محاربة الفساد فإنه يتم الإعلان بشكل قطعي من أعلى المستويات عن أنهم لن يحابوا أحدا. أعانهم الله على ذلك في هذا المجتمع الذي يعاني من تدني المستوى الوسطي لأخلاق أفراده!

وفي مقال آخر أوضحت أن إطلاق كلمة "سرقة" على الفساد خطأ قياساً على القانون المدني وعلى قانون الجزاء في الإسلام، وسأثبت أن ذلك كذب وافتراء. لا خلاف في أن الفساد عيب وحرام وذنب، ولكن هذا الذنب ليس سرقة.

ولا يخفى على أحد أن هدف أصحاب هذا الافتراء المستمر منذ أشهر والذين يقومون بعملية تأثير على الوعي قد تكون الأسوء والأعنف عبر التاريخ من خلال إظهار هذا الاتهام على أنه حقيقة مثبتة، لا يخفى على أحد أن هدفهم هو السيد رئيس الجمهورية وبطبيعة الحال حزب العدالة والتنمية. والآن سأوجه خطابي لهم:

إن العمل على تجنب العيوب أو المحرمات أو الذنوب المنتشرة في مجتمع ما بأفضل الطرق - وخاصة من قبل الأشخاص الذين لم يقعوا في تلك الأخطاء - أفضل الطرق للتقليل أو التخلص بشكل نهائي منها، وهذه وظيفة دينية وأخلاقية. أما محاولة إلحاق الضرر بالآخرين من خلال اتهامهم باتهامات غير مثبتة، والكذب، والافتراء عليهم، وتحضير ملفات مزورة فليس له محل في الدين والأخلاق.

ولنفترض أنكم اطّلعتم على فساد بعض المسؤولين لحزب ما؛ إذا كان هدفكم محاربة الفساد أليست الطريقة التي يجب أن تتبعوها كالآتي:

بداية يتم التأكد من صحة الاتهام ومن استناده إلى دلائل حقيقية من عدمه.

إذا لم يحرك المسؤولون ساكناً يتم إرجاع مسألة الفساد إلى المرجعية القضائية المختصة بدون أي إضاعة للوقت، علماً أن إضاعة الوقت تعني أن يتضرر صاحب الحق أو الدولة.

بدلاً من فعل ذلك كله، ماذا تسمون إنشاء ملفات مكونة من معلومات تم الحصول عليها من خلال جواسيسكم الذي زرعتموهم وتم في هذه الملفات خلط الصحيح بالكذب بالخطأ، والاحتفاظ بهذه الملفات إلى أن اتضح لكم أنكم لن تستطيعو الحصول على ما تمنيتم من الحكومة واستخدام هذه الملفات كوسيلة ابتزاز ونقلها إلى القضاء بشكل مخالف للأصول، وكشفها للإعلام، ومحاولة التأثير على الرأي العام؟

فعل منافٍ للأخلاق، حرام، وخِزي.

عمل المجلس ما يتوجب عليه حيث بدأ من خلال لجانه المختصة بالتحقيق فيما يخص اتهام ثلاثة من الوزراء وأقاربهم بتهمة الفساد للوصول إلى حكم عادل. وما يتوجب فعله الآن هو: ليس متابعة مضغ العلكة التي تم اقتطاعها من لحم الميت وإنما انتظار النتيجة والمتابعة الدقيقة.

عن الكاتب

خير الدين قرمان

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس