طه أوزهان – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

لم يستطع الإعلام التركي الخروج من الحلقة المفرغة التي يدور فيها مع الإعلام الغربي، عند الحديث عن قضية تنظيم "الدولة الإسلامية (داعش)"، في الوقت الذي يقوم الإعلام الغربي بشن حملة كبيرة ضد تركيا التي لم تشارك بصورة فعلية في التحالف الدولي، الذي جمع بين أطراف كانت تريد إنهاء حكم بشار، وأطراف أخرى تريد بقاءه.

يخرجون علينا في كل شهر، بخطة جديدة من أجل محاربة "داعش"، لكنهم بصورة فعلية لا يستطيعون اتخاذ أي خطوة حقيقية على الأرض، وهم بكل تأكيد ليسوا بعمي لكي لا يرون أن المسألة تحولت إلى "غرغرينا" من الممكن أن تمتد لكل المنطقة.

كل هذه الدول العملاقة، والتي تعتبر نفسها من الدول العظمى، بقيت عاجزة عن الإجابة عن سؤال، كيف يمكن تحويل هذه الخطط إلى أمور فعلية على الأرض، وما زالت مستمرة في عجزها هذا.

لكن كل تصرفاتهم تلك، لا تخرج عن كونها تصرف لا مسئول، وعدم اكتراثهم بما يحصل، وأنّ هدفهم الحقيقي من ذلك توجيه اللوم ومحاولة التأثير على تركيا من خلال ملف تنظيم "الدولة الإسلامية (داعش)"، لكنهم عندما رأوا أن محاربة "داعش" التي جرت خلال الفترة الماضية لم يستفد منها سوى التنظيم نفسه، بدئوا بمراجعة حساباتهم أخيرا.

استطاع تنظيم "الدولة الإسلامية"، تحويل الأراضي التي يسيطر عليها، خصوصا بعد وقوع الموصول تحت يديه، تكوين دولة و"خلافة إسلامية"، كان يسعى إليها منذ البداية، وعندما لم توالي المعارضة السورية هذا التنظيم، قام بمحاربتهم، وانضمت العديد من العناصر من المعارضة السورية إلى تنظيم "داعش".

ولا شك أن من دفع ثمن تلك الاستراتيجيات الخاطئة التي اتبعها الغرب، في التعامل مع القضية السورية ومع تنظيم "الدولة الإسلامية"، هم المدنيون في سوريا والعراق، فهم من دفع الثمن الباهظ، وهم من تعرضوا للظلم والطغيان، ومع تلك المصائب والكوارث الإنسانية التي حصلت في البلدين، إلا أن الغرب لم يولي لهم أي اهتمام.

ما يجري اليوم، هو محاولة إخراج نظام الأسد من حلبة النزاعات، ومحاولة زرع معادلة مفادها أن نظام الأسد لا يشكل جزءا من الأزمة القائمة حاليا، محاولين التركيز أكثر على "داعش"، واعتبارها هي سبب الكوارث والمآسي الإنسانية الحاصلة في المنطقة، ومع ذلك منذ سنة، لم يتخذوا خطوة حقيقية لمجابهة "داعش".

لهذا نحن أمام حلقة مفرغة، يدورون فيها الآن، وفي أثناء دورانهم في هذه الحلقة المفرغة، يحاولون تغيير نظرة الشعوب إلى تركيا، من خلال حملة إعلامية مكثفة تستهدفها وتدعي فيها بأنّ تركيا قدمت وما تزال الدعم لتنظيم "الدولة الإسلامية".

ومن خلال ذلك نستنتج أنّ الشرط الأول والأساسي لمحاربة "داعش"، والمشاركة في ذلك،  أن يكون هناك نوع من "الجدية" في هذا الملف، لأن المستفيد الأول مما تقوم به "داعش" في المنطقة هم أولائك الذين يدعون أنهم يحاربونها، ولا شك أن نظام الأسد أصبح اليوم بعيدا عن الأنظار، وهذا سيؤدي إلى إضعاف المعارضة السورية، وفي المحصلة بقاء النظام البعثي قائما.

من المرجح أن تستمر السياسة الغربية بادعائها أنها تواجه وتحارب "داعش"، وتريد القضاء عليه، لفترة زمنية أخرى، وخلال هذا الفترة، قد تعيش "داعش" أزمة حقيقية، وقد يستمر الدوران في الحلقة المفرغة، وهذا الأمر بيد تلك الدول، لكن المستفيد الأكبر من كل السيناريوهات المحتملة بلا شك هو نظام الأسد.

عن الكاتب

طه أوزهان

أكاديمي وكاتب أسبوعي في عدد من الصحف التركية والعالمية.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس